أخبار الجنوب

“الشاهدة الصامتة”.. موظفة مختبر تكشف أسراراً صادمة عن التلاعب في الفحوصات الطبية.

خاص/أدهم الصماتي

في زاوية هادئة من أحد المختبرات الطبية الخاصة، كانت شابة في العشرينات من عمرها تقضي ساعات يومها بين الأجهزة والأنابيب والنتائج الطبية التي يُفترض أن تحدد مصائر المرضى. لم تكن تعلم، حين بدأت عملها في هذا المختبر، أن ما ستراه سيجعلها تفكر مراراً في مغادرة المجال، أو أن ضميرها سيقودها يوماً لكشف ما وصفته بأنه “جريمة متسترة خلف أقنعة بيضاء ومعاطف معقمة”.

في شهادة خاصة حصلنا عليها، تحدثت الشاهدة – التي نتحفظ على هويتها لدواعٍ أمنية – عن ممارسات مروعة تجري داخل بعض المختبرات الخاصة، والتي لا يُدقق عليها من الجهات الرقابية كما ينبغي. تقول الشاهدة:
“أقسم بالله، بعيني شفتهم يفصلوا الصفار (البلازما) عن الدم ويعتمدوا النتيجة فقط على لون البلازما. لا جهاز، لا تحليل كيميائي، بس لون! إذا شافوه غامق قالوا المريض عنده مشكلة في الكبد، وإذا فاتح قالوا طبيعي. تصور هذا يُبنى عليه تقرير طبي!”

لكن هذه لم تكن الفضيحة الوحيدة.

المختبر، الذي يتعامل يومياً مع عشرات العينات، يبدو أنه لا يستخدم الكمية المخصصة من المحاليل لكل فحص بحسب ما تنص عليه بروتوكولات الفحص المخبري. بل تُقسم المحاليل إلى أجزاء أصغر بكثير، بينما تُحسب التكلفة الكاملة على المريض.

تقول الشاهدة:
“الفحص اللي مفروض ينستخدم فيه 1000 ميكروليتر (أي 1 مللي لتر) من المحلول، كنا نستخدم فيه فقط 200 ميكروليتر، وأحياناً أقل! ونضيف عليهم خمسين ميكروليتر من عينة المريض. المريض يدفع على أساس فحص كامل، لكن ما يتعمل له حتى نص التحليل.”

هذا التلاعب لا يؤثر فقط على النتائج، بل قد يؤدي إلى تشخيصات خاطئة تماماً، مما يعرّض المرضى لعلاجات غير ضرورية أو تفويت تشخيصات خطيرة، كالسكري أو الفشل الكلوي أو أمراض الكبد والفيروسات.

وعن السبب وراء هذه الممارسات، تقول الشاهدة:
“كل شي مربوط بالفلوس. أصحاب المختبرات بدهم أرباح أكبر، بأقل تكلفة. والضحية دايماً المريض.”

الموظفون في بعض هذه المختبرات يُجبرون على السكوت، ويُهدد من يفتح فمه بالعقاب أو الطرد. “لو تكلمت، ينقلوك قسم ثاني أو ينهوا عقدك بدون نقاش. الكل ساكت، لكن الكل شايف.”

ما كشفته هذه الشاهدة يسلط الضوء على ضرورة وجود رقابة صارمة، ومراجعة دورية مفاجئة للمختبرات الخاصة، ليس فقط من الناحية الإدارية بل عبر فحص العينات الحقيقية ومطابقة النتائج مع المخرجات المعملية الموثقة.

كما يطرح سؤالاً كبيراً:
كم من مريض الآن يسير في طريق علاج خاطئ بسبب نتائج تحاليل مغشوشة؟