مليشيا الحوثي التهديد المستمر للأمن الإقليمي والدولي
لحج الغد/ تقرير / مريم بارحمة

تُعد جماعة الحوثي، المعروفة رسميًا باسم “أنصار الله”، واحدة من أبرز الجماعات المسلحة التي أثارت قلقًا دوليًا متزايدًا بسبب انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان، وتهديدها للملاحة البحرية، واستهدافها للأمن الإقليمي والدولي. وقد أدى تصاعد أنشطتها الإرهابية إلى فرض عقوبات دولية عليها، وتصنيفها كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة ودعوات من دول أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة. هذا التقرير الموسع يستعرض انتهاكات الحوثيين، تأثيراتهم على الساحة الدولية، وردود الفعل العالمية تجاههم.
-انتهاكات حقوق الإنسان والقوانين الدولية
تواجه جماعة الحوثي اتهامات واسعة بارتكاب جرائم وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقوانين الدولية، سواء داخل اليمن أو على مستوى الإقليم. وتشمل هذه الانتهاكات:
-استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية
نفذت الميليشيات الحوثية هجمات متكررة على الأحياء السكنية في عدة مدن يمنية وجنوبية، بما في ذلك مأرب وتعز اليمنية والعاصمة عدن، ما أدى إلى مقتل وإصابة آلاف المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
قصفت المدارس والمستشفيات والأسواق العامة، ما تسبب في أضرار جسيمة للبنية التحتية الحيوية التي يعتمد عليها السكان المدنيون.
تسببت الألغام التي زرعها الحوثيون في مناطق واسعة من اليمن في سقوط آلاف الضحايا، حيث تستهدف هذه الألغام المدنيين بشكل مباشر.
– الاعتقالات التعسفية والتعذيب والاختفاء القسري
منذ انقلابها على الحكومة في 2014، مارست ميليشيا الحوثي أشد أنواع القمع ضد كل من يعارضها. عشرات الآلاف من اليمنيين، من سياسيين، وناشطين، وصحفيين، تعرضوا للاعتقال التعسفي، حيث يقبعون في سجون سرية ويتعرضون لأبشع أنواع التعذيب. العديد من المعتقلين لقوا حتفهم تحت التعذيب، بينما نُفذت بحق آخرين إعدامات ميدانية دون محاكمة.
أفادت تقارير حقوقية بأن الحوثيين يمارسون أساليب وحشية مثل الضرب المبرح، والصعق بالكهرباء، والتعليق من الأطراف، والإيهام بالغرق داخل المعتقلات.
استخدمت الجماعة سياسة “الإخفاء القسري” لترهيب معارضيها، حيث لا يزال مصير مئات المختطفين مجهولًا حتى اليوم.
هذه الجرائم لا تستهدف فقط الأفراد، بل تشمل القرى والمدن التي ترفض حكم الحوثيين، حيث يتم قصفها بالأسلحة الثقيلة، وفرض حصار خانق عليها، مما يفاقم الأزمة الإنسانية.
-تجنيد الأطفال جريمة حرب مكتملة الأركان
إحدى أخطر الجرائم التي ترتكبها ميليشيا الحوثي هي تجنيد الأطفال، حيث يتم اختطافهم من المدارس، أو إجبار أسرهم على إرسالهم للقتال تحت التهديد. تقارير الأمم المتحدة أكدت أن الحوثيين جندوا آلاف الأطفال، وزجوا بهم في معارك خاسرة، ليعودوا إلى أهاليهم جثثًا هامدة. هذا السلوك الوحشي لا ينتهك فقط القوانين الدولية، بل يدمّر مستقبل جيل كامل من اليمنيين.
وثّقت منظمات حقوقية دولية مثل منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش قيام الحوثيين بتجنيد آلاف الأطفال وإرسالهم إلى جبهات القتال، ما يشكل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية واتفاقيات حقوق الطفل.
تشير التقديرات إلى أن الحوثيين جندوا أكثر من 30 ألف طفل منذ بداية الصراع، مستغلين الأوضاع الاقتصادية الصعبة للأسر الفقيرة لإجبارها على إرسال أبنائها للقتال.
-تهديد الملاحة البحرية والأمن الدولي
يشكل الحوثيون تهديدًا كبيرًا للملاحة البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حيث نفذوا عشرات الهجمات التي استهدفت السفن التجارية والنفطية، مما يهدد الاقتصاد العالمي ويعرض الممرات المائية الدولية للخطر.
– هجمات الحوثيين على السفن الدولية
شنت الجماعة هجمات متكررة على السفن باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، مما تسبب في أضرار جسيمة لبعض السفن وهدد سلامة الملاحة في المنطقة.
في يناير 2024، استهدفت الجماعة سفينة شحن تجارية في خليج عدن، ما دفع الولايات المتحدة وحلفاءها إلى تنفيذ عمليات ردع ضد القدرات البحرية الحوثية.
وفقًا لتقارير استخباراتية، نفذ الحوثيون أكثر من 504 هجمات إرهابية على الملاحة البحرية منذ بدء التصعيد الأخير في 2023.
– استخدام الألغام البحرية لزعزعة الاستقرار
قامت مليشيا الحوثي بزرع الألغام البحرية العشوائية في البحر الأحمر، مما أدى إلى تدمير وإلحاق الضرر بسفن مدنية وتجارية، فضلًا عن تهديد حياة الصيادين المحليين. وتعمد الحوثيون استهداف موانئ استراتيجية مثل ميناء المخا والحديدة اليمنية لتعطيل التجارة البحرية وابتزاز المجتمع الدولي.
-تهديد الاقتصاد العالمي وأمن الطاقة
هجمات الحوثيين على السفن النفطية دفعت شركات الشحن الكبرى إلى تجنب المرور عبر البحر الأحمر، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل وتأخير عمليات التجارة العالمية. استهداف ناقلات النفط أدى إلى مخاوف من حدوث أزمة طاقة عالمية، خاصة أن مضيق باب المندب يُعتبر ممرًا رئيسيًا لتصدير النفط من الخليج العربي إلى الأسواق الأوروبية.
-الدعم الإيراني وتحالف الحوثي مع الجماعات الإرهابية
لم يكن الحوثيون ليصلوا إلى هذا المستوى من التهديد لولا الدعم الإيراني المستمر. طهران تزودهم بالسلاح، وتدرب مقاتليهم، وتساعدهم على تطوير الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية. التحالف الحوثي مع الجماعات الإرهابية الأخرى، مثل حزب الله اللبناني، يؤكد أن هذه الميليشيا ليست مجرد حركة داخلية، بل هي أداة إيرانية لزعزعة استقرار المنطقة.
-تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية دوليًا
– الموقف الأمريكي
أعلنت الولايات المتحدة في 4 مارس 2025 إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، وذلك ردًا على هجماتهم المستمرة على السفن التجارية والقوات الأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن.
أكد وزير الخارجية الأمريكي أن هذا القرار يهدف إلى كبح قدرات الحوثيين ومنع أي دعم مادي لهم، مشيرًا إلى أن العقوبات المفروضة ستؤثر على مصادر تمويل الجماعة.
قرار الولايات المتحدة بتصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية خطوة صائبة وجاء في وقته المناسب. هذا القرار يجب أن يكون البداية لتحرك دولي أوسع، يتضمن فرض عقوبات شاملة، تجميد أصول قيادات الحوثيين، ووقف التعاملات المالية معهم. يجب على المجتمع الدولي دعم هذا القرار، وتنفيذ استراتيجية شاملة للقضاء على تهديد الحوثي للملاحة الدولية والأمن الإقليمي.
-دعوات أوروبية لتصنيف الحوثيين كإرهابيين
في خطوة مماثلة، دعت إسرائيل دبلوماسييها في أوروبا إلى العمل على تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، مشيرة إلى الهجمات التي شنتها الجماعة ضد إسرائيل وتأثيرها السلبي على طرق الشحن العالمية.
بينما بريطانيا وفرنسا وألمانيا تدرس فرض عقوبات إضافية على الحوثيين في إطار الجهود الدولية لكبح نفوذهم العسكري والمالي.
-المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي
كل يوم يتأخر فيه تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، هو يوم إضافي لمعاناة اليمنيين. رغم الجرائم الواضحة التي يرتكبونها، لا يزال هناك تردد دولي في اتخاذ إجراءات حاسمة ضدهم. العقوبات الاقتصادية والعسكرية هي السبيل الوحيد لإضعاف هذه الجماعة وإنهاء نفوذها. لا يمكن السماح للحوثيين بالإفلات من العقاب، ويجب أن تكون هناك محاسبة دولية لجرائم الحرب التي ارتكبوها.
-السلام لن يتحقق بوجود الحوثي
لا يمكن الحديث عن السلام في اليمن والجنوب بوجود ميليشيا تعيش على الحرب والدمار. كل محاولات التهدئة والهدنة التي قُدّمت للحوثيين تم استغلالها لإعادة تسليح أنفسهم ومهاجمة المدنيين. التجربة أثبتت أن هذه الجماعة لا تفهم سوى لغة القوة، وأن الحل الوحيد لضمان استقرار دائم هو اجتثاثها نهائيًا.
-دور المجلس الانتقالي الجنوبي في مواجهة الحوثيين
أكد المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، استعداده الكامل للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لإنهاء التهديد الحوثي. القوات الجنوبية، التي أثبتت كفاءتها في محاربة الإرهاب، يجب أن تحصل على الدعم اللازم لتأمين المياه الإقليمية، وحماية خطوط الملاحة من الهجمات الحوثية.
– أهمية دعم القوات الجنوبية والمجلس الانتقالي الجنوبي
في ظل تصاعد تهديدات الحوثيين، تبرز أهمية دعم القوات الجنوبية والمجلس الانتقالي الجنوبي، باعتبارهم خط الدفاع الأول ضد الميليشيات الحوثية والتنظيمات الإرهابية الأخرى. لعبت القوات الجنوبية دورًا بارزًا في تحرير العديد من المناطق الاستراتيجية من سيطرة الحوثيين، ومنع تمددهم نحو الجنوب.
تحتاج هذه القوات الباسلة إلى دعم عسكري وسياسي مستمر لضمان استقرار الجنوب ومواجهة التهديدات الحوثية بكفاءة.
تشكل جماعة الحوثي تهديدًا خطيرًا للأمن والسلم الدوليين من خلال انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان، واستهدافها للملاحة البحرية، وسعيها لزعزعة استقرار المنطقة. وقد أدت هذه الأعمال إلى إدراج الجماعة ضمن قوائم الإرهاب، وفرض عقوبات دولية عليها. وفي ظل التحديات المتزايدة، يصبح من الضروري تعزيز التعاون الدولي لدعم القوى التي تواجه الحوثيين، مثل القوات الجنوبية المسلحة والمجلس الانتقالي الجنوبي، فالحل الوحيد لتحقيق السلام هو إنهاء وجود الحوثيين، لضمان استقرار اليمن والجنوب والمنطقة ككل.
#العالم_ضد_ارهاب_الحوثي