مليشيات الحوثي البعد المزدوج من الخلاص أو التعقيد
![Img 20250212 Wa0083](https://lahjalgad.com/wp-content/uploads/2025/02/IMG-20250212-WA0083-780x470.webp)
مقال /مكسيم ثابت
12 فبراير 2025
تعد مليشيات الحوثي واحدة من القوى السياسية والعسكرية البارزة في الساحة اليمنية، وقد درجت التفسيرات حول طبيعتها وأهدافها في العديد من السياقات. يحمل الحديث عن الحوثيين دلالات مركبة، إذ يمكن رؤية وجودهم كـ “خلاص” لليمن من منظورين مختلفين: الأول هو السياق الذي يعكس تمسكهم بالسيادة الوطنية ومحاولة مواجهة التدخلات الخارجية، بينما الثاني يشير إلى التحديات والمعاناة التي يجلبها وجودهم على الشعب اليمني.
من حيث الدلالة الإيجابية، يمكن القول إن الحوثيين قدموا أنفسهم كقوة ممانعة تواجه الهيمنة الأجنبية، وبالأخص التدخلات السعودية والإماراتية في الشأن اليمني. بعد اندلاع الثورة اليمنية في عام 2011، استغل الحوثيون الحالة السياسية الفوضوية وسعوا لتوحيد الصفوف لمواجهة ما اعتبروه تهديدآ للأمن القومي اليمني. ارتبطت ممارساتهم في هذا السياق بفكرة المقاومة والدفاع عن الوطن، ما جعل بعض فئات الشعب تتعاطف معهم باعتبارهم حماة للسيادة اليمنية.
ومع ذلك، فإن هذا المفهوم الإيجابي يتراجع عند النظر إلى الجانب الآخر من القصة، حيث ارتبطت مليشيات الحوثي بعدد من الانتهاكات لحقوق الإنسان وفرض السيطرة على المناطق التي تسيطر عليها. تتضمن تلك الانتهاكات الاعتقالات التعسفية، وتصعيد الصراع المسلح الذي أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، فضلاً عن المعاناة الإنسانية المتزايدة في البلاد. ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية والصحية والتعليمية ، يجد اليمنيون أنفسهم في حيرة من أمرهم بين مقاومة ما يعتبرونه استعمارآ داخليآ من الحوثيين وبين المعاناة اليومية التي تتسبب فيها سياساتهم.
الأهمية المتزايدة للحوثيين في المشهد اليمني يمكن أن تفسر على أنها تعبير عن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي يمر به اليمن. فعندما تضعف الحكومة المركزية، تظهر قوى أخرى لتأخذ زمام المبادرة، وهو ما حصل مع الحوثيين. ومع ذلك، فإن هذه الدينامية تؤدي إلى تفاقم الصراع بدلاً من الوصول إلى حلول.
في سياق مواز، يتطلب الحل للأزمة اليمنية النظر في الحوار والتسوية السياسية. دور المجتمع الدولي مهم هنا، إذ يمكن أن يسهم في تنظيم محادثات جادة تشمل جميع الأطراف، بما في ذلك الحوثيين. كما يتعين على الأطراف الأخرى في النزاع أن تكون مستعدة للتنازلات من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.
في الختام، يمثل وجود مليشيات الحوثي في اليمن بعدآ مزدوجآ من الخلاص والتعقيد. بينما يراها بعضهم كمدافع عن السيادة، يعتبرها آخرون سببآ للمعاناة والمآسي. لذا، يجب أن تكون أي جهود لحل النزاع في اليمن شاملة وتعترف بالتنوع في وجهات النظر، القيمة والمخاطر المتوقعة، للوصول إلى مستقبل مستدام ومزدهر لكافة الشعب اليمني