المستشفيات الخاصة.. تحاصر المواطنين بين فكي كماشة الاستثمار والأخطاء الطبية
لحج الغد – تقرير ـ أمجد خليفة:
مستشفيات عدن الخاصة جعلت المواطنين بين فكي كماشة الأسعار الباهظة والأخطاء الطبية المؤدية للوفاة، فانتشرت تلك المستشفيات لتصب في خزانتها الأموال الطائلة من جيب المواطن الكادح، وتستثمر في علاجه ومداواة الأمراض التي يصاب بها وتستنزف كل ما يملكه من أموال وأصول وديون كي يتمكن من توفير بضعة أيام في حالة التمديد أو اجراء العمليات التي يحتاج لها ضرورة التدخل الجراحي من جهة، ومن جهة أخرى يقع بعض المرضى في وحل الأخطاء الطبية، التي تصل حد الوفاة، وتسلم الأسرة مريضهم جثة هامدة.
ضاعت الكثير والكثير من حالات الوفيات، وكذا تدهور الحالة الصحية، بسبب الأخطاء الطبية والاهمال وعدم الرعاية الكافية، دون حسيب أو رقيب من قبل الجهات المسؤولة، فانتشرت بين مستشفيات عدن مثل هكذا سقطات، ولم تجد أمامها من يعمل على زجرها، وتوقيفها عند حدها.
ناهيك عن التشخيص الخاطئ للعديد من الحالات المرضية، التي تدخل المصاب وأهله في حالة من التأزم النفسي والدخول في تفكير سلبي يدهور حالته النفسية، والتوهان العقلي في إمكانية توفير تكاليف العلاج، أو السفر للخارج لصعوبة إمكانية اجراء التطبيب في البلد، ليُكتشف بعد ذلك أنه لم يصبه أي شيء، ولم يكن ذلك إلى تشخيص خاطئ من قبل المعمل الذي قام باجراء الفحوصات الطبية.
آخر تلك الأخطاء الطبية الكارثية (الجرائم القاتلة)، اجراء عملية (استئصال اللوزتين) لطفل يبلغ من العمر ٤ سنوات، ليقوم الطبيب المعالج للحالة الذي يجري له العملية، بقطع شريان أثناء محاولته لاستئصال اللوزتين، ليعمل على ايقاف النزيف بشكل مؤقت، دون ابلاغ عائلة المريض لاتخاذ الاجراءات اللازمة، أو تمديده في العناية المركزة أو مطالبة أسرته بنقله إلى مستشفى أخرى ليلقى الرعاية الكافية لتجاوز المرحلة الحرجة، ولعدم ادراك الأسرة لما أصاب ابنهم، قاموا بنقله إلى المنزل والتعامل مع حالته بشكل عادي، لتسوء بعد ذلك حالته الصحية، ويقضي نحبه إثر الاهمال الذي مارسه الطبيب مع الحالة المرضية، والتي أثارت جدلًا واسعًا بين الأوساط الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت قضية رأي عام.
وفي هذا الصدد، قال والد الطفل (فراس): “أن بعد اجراء عملية (استئصال اللوزتين) لولده بخمسة أيام أصابه نزيف وأعاده مرة أخرى لنفس الطبيب المعالج في مستوصف الصلاحي، وقام بتركيب دم للطفل فراس، وأكد له بعدم وجود أي ضرر عليه مع كتابة ابر مضاد وابر أخرى لوقف النزيف”.
وأردف ماجد درهم، بأنه: “ذهب إلى مستشفى آخر بعد عدة أيام لاجراء علاج طبي لوالدة الطفل (فراس)، ليحدث نزيف حاد للطفل من فمه وأنفه، وقام الطاقم الطبي في المشفى اجراء الاسعافات العاجلة وتنفيذهم لعملية انعاش للطفل بعد نقله إلى العناية المركزة، ولم تجدي نفعًا تلك التدخلات الطبية، ليفارق الحياة إثر ذلك، فيتم ابلاغه من قبل الأطباء أن سبب الوفاة نزيف حاد بقطع شريان أثناء اجراء عملية استئصال اللوزتين، وهناك تقرير طبي عن سبب حالة الوفاة” -حسب قوله-.
بدوره، أفاد مدير عام الشؤون القانونية بديوان عام وزارة العدل، فواز عبدالرحمن العويضاني بأنه: “في حال حدوث خطأ طبي أدى إلى إصابة ما، يتقدم الشخص المصاب أو أهل الشخص -إذا أودى الخطأ إلى الوفاة-، بشكوى إلى المجلس الطبي أو إلى النيابة العامة التي تستعين أيضًا بالمجلس الطبي، لإعداد تقرير طبي حول الواقعة، وهو المعتمد أمام النيابة العامة، وذلك وفقًا لقانون إنشاء المجلس الطبي”.
وأوضح العويضاني، بأن: “المجلس الطبي الأعلى، يقوم بتشكيل فريق طبي للنزول للمستشفى المعني بحادثة الخطأ الطبي، وعمل اللاجراءات اللازمة ورفع تقريرها حول أسباب الاصابه أو الوفاة”، مضيفًا.. إلى أن “الفحوصات الخاطئة أو التشخيص الخاطئ يعد ضمن إطار (الخطأ الطبي) الذي قد ينتج عنه اصابة إذا تم على إثره تناول دواء خاطئ بسبب تشخيص الخاطئ”.
إلى ذلك، أوضح وكيل وزارة الصحة العامة والسكان الدكتور سالم الشبحي، في مستهل حديثه دور الوزارة في هذا الإطار، حيث قال: “نهتم جيدًا كوزارة بالنظام الصحي بشكل عام في البلد، وأن النظام الصحي يعتبر المعيار الرئيسي لأي بلد، وقد مرينا بمراحل صعبة وعجاف كقطاع صحي في البلد، وقد تأثر تأثيرًا كبيرًا إبان الحرب الأخيرة التي دارت في الوطن، والتدمير الذي حل بنا، ويعد القطاع الصحي بشقيه الحكومي والخاص، إلى جانبهم المنظمات الدولية والمواطنين بأنفسهم، مكملين لبعضهم البعض، كما أن لدينا كادر طبي لهم باع كبير في مجالهم التخصصي، وقد أثبتوا جدارتهم برغم الصعاب وضعف الامكانيات المحيطة بنا”.
وبيَّن الشبحي في تصريحه الخاص، بأن: “الحرب الأخيرة جعلت من (المخرجات التعليمية) ليس بالشيء المأمول أو الذي نتمناه، ومع ذلك وفي الأونة الأخيرة بدأ القطاع الصحي يتعافى نوعًا ما، ومما أفسح المجال أمام انتشار المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة، هو ضعف توافر المستشفيات والمراكز الطبية الحكومية، وعدم قدرتها على تلبية احتياجات المواطنين” منوهًا: “صحيح أن القطاع الصحي الخاص يقدم خدماته أمام المواطنين بأسعار باهظة، إلا أنه ساعد كثيرًا في تقديم خدمات للمواطنين”.
وأشار المسؤول الحكومي، إلى أن: “امكانية حدوث (أخطاء طبية) من قبل أي طبيب معالج، أمر وارد في جميع مشافي العالم، إلا أنه غير مقصود أو متعمد البتة”.
ولفت إلى أنه: “قد تم انشاء (المجلس الطبي) مؤخرًا، للوقوف أمام الأخطاء والمشكلات الطبية، ويعمل على تشكيل لجان خاصة للبحث والتمحيص والنزول إلى المستشفيات في حالة وقوع أخطاء طبية وسببت وفاة أو عاهة مستدامة، للتأكد بشكل علمي تخصصي، ومن الممكن أن يتدخل الطب الجنائي لتشريح الجثة ومعرفة الأسباب بشكل أكثر دقة، حتى لا يتم ظلم الطبيب واتهامه جزافًا، وكذا لا يتم ظلم مقدم التظلم ويضيع حقه هدرًا”.
وأفاد سالم الشبحي، في ختام حديثه: “في حالة وجود مشكلات يواجهها المواطن، عليه تقديم رسائل رسمية إلى مكتب الصحة في محافظته، ورفعها إلى وزارة الصحة عبر خطابات رسمية، وستعمل الوزارة جاهدة لاظهار الحقيقة والانصاف للجميع، ولا يذهب المتضرر بنشر مطالباته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعمل تشويه في حق الطبيب أو الهيئة الطبية التابع لها، ويتم نشر أخبار من مصادر غير موثوقة، ولم يثبت بعد حقيقة الحادثة التي قد تكون بغير الصورة التي ظهرت أمام الناس”، مضيفًا: “ولا يتم التعامل من قبل الجهات المسؤولة لتلك الخطابات التي يتم تناقلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويتم التعامل فقط عبر الخطابات والجهات الرسمية ولجانها المخولة من قبلها، وهي فقط من تبث في القضية، ولمن الحق، وعلى ضوء ذلك يتم التعامل من قبل الجميع مع الأمر”..