أرضية جامعة سقطرى وكلية المجتمع : إرث الأجيال وصوت العدالة الخفية
أرضية جامعة سقطرى وكلية المجتمع : إرث الأجيال وصوت العدالة الخفية
بقلم :
عبدالجبار بن احمد السقطري
في عام 2014 كنا شهودا على لحظة تاريخية تجسد الحكمة الحقيقية والمسؤولية العميقة. حينما رفض المحافظ سعيد باحقيبة عرضا مغريا للحصول على قطعة أرض استراتيجية، تردد في كلماته سؤال واحد، كأنه ارتداد لصوت ضمير الأرض نفسها: “ماذا تترك للأجيال يا شيخ القبيلة ؟”.
هذا السؤال الذي سقط كالحجر في مياه الطمع الراكدة، ليرتد بأمواج من الوعي العميق بأن الأرض ليست سلعة تباع وتشترى، بل أمانة تحيا بين أيدي الرجال لوراثة الأجيال. إن من يعي هذا المعنى، يدرك أن كل شبر من أرض الوطن ليس مجرد ملكية وقتية، بل إرث للأجيال المقبلة التي تنتظر حقها في الاستدامة والكرامة.
لكن، ويا للأسف، نرى اليوم أن أيدي الطمع والجشع تتسلل لتغتال هذه الأمانة. تلك الأيدي التي أوكلت إليها مسؤولية الحماية والقضاء باتت تمتهن تجاوز حدود الدين والقانون، مستبيحة مقدرات الشعب من أجل مصالح آنية لا ترى أبعد من حدود الذات. يتعاملون مع الأرض وكأنها غنيمة، وينسون أن الأرض لا تغنم، بل تُرعى وتحمى.
الأجيال السقطرية القادمة، والتي لم تولد بعد، تنظر إلينا بعين العتاب من المستقبل، تسألنا: *”ماذا تركتم لنا؟”*. ماذا سيجدون؟ هل سيجدون أرضا مزروعة بالخير والاستدامة، أم إرثًا من الاستغلال والفساد؟
ولكن، ليتذكر الجميع أن الأرض التي تستباح اليوم، تحمل في طياتها ذاكرة الظلم، وهي لا تنسى. وقد يكون انتقامها صامتا، لكنه شديد. قد يكون في صورة كارثة طبيعية أو فقدان للبركة أو حتى انهيار المجتمع الذي استهان بحقوقها. إن هذا الانتقام ليس مجرد غضب الطبيعة، بل هو انتقام إلهي يمحو خطايا البشر الذين استباحوا ما ليس لهم.
كل قرار يتخذ اليوم، كل انتهاك يرتكب بحق الأرض، سيعود كظل طويل يمتد على مستقبل الأجيال. العدالة السماوية لا تغفل، وستعيد الحقوق لأصحابها، ولو بعد حين. فالأرض ليست مجرد رمال وتراب، إنها شاهد صامت على أفعالنا، وستكون لنا إما إرثا من البركة، أو لعنة لا تمحى.
فلنتذكر جميعا أن ما نزرعه اليوم سيحصد غدا، ولن تنسى الأجيال من سبقها، كما لن تغفل العدالة عن من خان الأمانة.