القيادة والحكمة في زمن الأزمات: عيدروس الزبيدي وملف الأمن في الجنوب ..
القيادة والحكمة في زمن الأزمات: عيدروس الزبيدي وملف الأمن في الجنوب ..
م. عبدالجبار السقطري
في خضم التحديات التي تواجه الجنوب اليوم، يبرز دور القيادة الحكيمة القادرة على اتخاذ قرارات مصيرية تحقق الاستقرار والأمن في ظل الظروف المعقدة.
أحد هذه القرارات كان نقل ملف الأمن بشكل كامل إلى النائب المحرمي. قرار يبدو بسيطًا على السطح، لكنه يحمل في طياته دلالات عميقة تعكس فهمًا عميقًا لاحتياجات الجنوب وأولوياته.
لقد أثبت الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، منذ توليه قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، أنه ليس مجرد قائد عسكري أو سياسي، بل رجل دولة يحمل على عاتقه مسؤولية تاريخية تجاه شعبه وأرضه. هذا الإحساس بالمسؤولية هو الذي دفعه إلى اتخاذ خطوات جريئة، مثل تفويض المحرمي بملف الأمن. خطوة تعكس الثقة والوعي بأهمية توحيد الجهود لتحقيق الهدف الأكبر؛ حماية الجنوب واستقراره.
إن تسليم ملف الأمن إلى نائب الرئيس ليس مجرد عملية إدارية، بل هو استراتيجية مبنية على قراءة دقيقة للمشهد السياسي والأمني. الزبيدي أدرك أن الجنوب في هذه المرحلة الحساسة بحاجة إلى قيادة موحدة وقوية تستطيع أن تواجه التحديات الداخلية والخارجية دون تردد أو انقسام. ومن هنا، كان تسليم الملف للمحرمي بمثابة رسالة قوية بأن الأمن في الجنوب لا يقبل المساومة أو التأجيل.
ولكن، للأسف، في كل مشروع وطني كبير، هناك من يسعى لاستغلال المواقف لتحقيق مصالح شخصية ضيقة، محولين القضية الوطنية إلى ميدان لتصفية الحسابات. هؤلاء الأفراد يفشلون في إدراك أن الوطن أكبر من الجميع، وأن الأمانة التي منحها لهم الزبيدي ليست مجرد وسيلة لتحقيق مكاسب فردية، بل هي مسؤولية ضخمة أمام الشعب والتاريخ.
الرئيس عيدروس الزبيدي، منذ اللحظة الأولى لاختفاء عشال، كان موقفه واضحًا وصريحًا. لم يتردد في توجيه جميع الأجهزة الأمنية باتخاذ كل الإجراءات الضرورية، مهما كانت النتائج. هذا الموقف يعكس التزامه الصارم بحماية أمن الجنوب، وإيمانه بأن الجنوب يجب أن يكون فوق كل الاعتبارات والمصالح الشخصية.
السياسة ليست مجرد فن الممكن، بل هي أيضًا فن اتخاذ القرار الصعب في الوقت المناسب. لقد أظهر الزبيدي من خلال قراراته الأخيرة أن الأمن والاستقرار هما العمود الفقري لأي مشروع وطني. وأن الأولوية القصوى يجب أن تكون دائمًا لأمن المواطن وسلامته، لأن تحقيق الأمن هو الخطوة الأولى نحو تحقيق التنمية المستدامة وبناء دولة الجنوب المستقلة.
في الختام، يجب على كل من يتولى منصبًا في هذه المرحلة الحساسة أن يدرك حجم الأمانة التي يحملها، وأن يضع مصلحة الجنوب وشعبه فوق كل اعتبار. لأن التاريخ لن يرحم من خذل الوطن في لحظاته الحرجة، ولن يغفر لمن استغل قضاياه العادلة لتحقيق مكاسب شخصية. إن القيادة الحكيمة ليست في اتخاذ القرار فقط، بل في الالتزام بالمبادئ والقيم التي تجعل من الوطن أولوية مطلقة.