وداعا رفيقي الجماعي
لحج الغد – بقلم: فضل الجعدي
ينتمي الرفيق المناضل محمد سعيد الجماعي الى ذلك الجيل المكافح الذي تحمل مشاق مرحلة نضالية من اصعب المراحل التي خاضها الاشتراكي وخاصة بعد حرب 94 الظالمة التي اجتاحت الجنوب وتنكرت للشراكة ولكل العهود والمواثيق ، القذرة التي اطاحت باحلام الناس وامانيهم وذبحت الوحدة من الوريد الى الوريد واقصت الشركاء واحالت اكثر من ستين الف من العسكريين والامنيين والمدنيين الى قارعة الطريق دون اي حقوق وحاربت الاشتراكي وطاردت اعضاءه ونفت قياداته وتفيدت الجنوب وثرواته برا وبحرا وجوا وقضت على مؤسساته وكل ما يتعلق بالدولة الجنوبية ، وعلى واقع كهذا وجد الجنوبيين واعضاء الاشتراكي انفسهم غرباء في وطنهم محاصرين من اي فعل سياسي ، وفي هذا الواقع برز مناضلون اشداء لمواجهة تداعيات حرب المنتصرين وكان الفقيد الجماعي منهم ، لم تلن لهم قناة ولم يرضخوا لكل اساليب التدجين والترهيب ولم يقبلوا ممارسات السلطة المتغطرسة ولم يهادنوا او يصفقوا مع من صفق ، بل خاضوا نضالا شاقا رغم كل التحديات ووقفوا بشجاعة في واجه عصابات حرب 94 واعادوا عمل منظمات الحزب الى الواجهة ونهضوا من بين الرماد كطائر الفينيق الذي كلما القوه في النار انبعث من داخلها ليحلق عاليا في السماء .
تشاركنا انا والفقيد العمل السياسي وربطتني به علاقة رفاقية مميزة ووجدت به صفات القائد المحنك والرجل الحكيم بعقل راجح واراء سديدة وكان يدهشني في طرحه ومناقشاته ومبادراته التي كان يقدمها لحل المشكلات وتجاوز العقبات ليس فقط في العمل الحزبي ولكن ايضا خارج هذه الدائرة ، في تميزه بحل قضايا الناس كمصلح اجتماعي وهي افعال مكملة لمعنى ان يكون الرجل واجهة اجتماعية وحزبية ، لم يكن يمل ابدا من الخوض في اصلاح ذات البين سواء على مستوى منطقته او خارجها كما كان رفيقا رائعا لرفاقه وفيا ومخلصا وشخصا جامعا لقيم الخير والمحبة والنضال .
عرفت الفقيد عن كثب ولا استطيع ان اذكر مناقبه في هذه العجالة لكني استطيع القول انه كان من الاشخاص الذين لا يجود بهم الزمن الا في النادر ، حزبيا من ذلك الرعيل الذي لا يتخذ من الحزبية مصالح انية ولكن تضحية مستمرة ووفاء نبيل لكل المبادئ التي امن بها وجسدها سلوكا بين رفاقه وفي كل ما انيط به من مهام ،ولم يتوانى قط في اي يوم من الايام من خدمة رفاقه والعمل على تعزيز العمل الحزبي والوطني ، ولم يتردد او يخاف في الله لومة لائم من تحديد مواقفه الواضحة ازاء كل القضايا وفي المقدمة منها القضية الجنوبية العادلة .
لقد كان الفقيد الجماعي هامة محورية في صفوف الاشتراكي واستطاع لنشاطه الحزبي ان يجعل من مريس مديرية حزبية وان يتم اختياره عضوا في لجنة الرقابة الحزبية العليا وذلك ليس من فراغ ولكن لان الرجل استحق ان يكون بمكانة تعكس القدرات التي يتصف بها وصفات النزاهة ونظافة اليد ونقاء الضمير التي تميز بها طوال تاريخه النضالي وترجمها الى عمل دؤوب اتسم بنكران الذات وحفل بالتضحيات والمواقف المشرفة وحتى حين تم اختياره كنائب لقائد مقاومة مريس فذلك تجسيدا لما يحظى به الرجل من سمات مؤهلة جعلته يقف في الصف الاول لمواجهة مليشيات الحوثي الانقلابية وشكل مع رفاقه وبقية مكونات المقاومة الخط الامامي الاول المدافع عن الضالع في جبهة مريس الصلبة ، التي ظلت على الدوام واقفة ضد الظلم والاستبداد والغطرسة ولم تبدل او تحول خط سيرها الوطني في محطات عديدة من التاريخ وظلت القلعة العصية على التطويع ولا تزال رمزا من رموز الصمود والمواجهة .
ان خسارتنا برحيل هامة نضالية كالفقيد محمد سعيد الجماعي لهي قاصمة ظهر ومصاب جلل ، خسارة فادحة لن تعوض لكنها اقدار الله التي لا راد لها وما ينبغي هو السير في درب الفقيد وتجسيد المعاني الخالدة التي ناضل من اجلها والتمسك بالقيم والمبادئ النبيلة التي وهبها كل عمره حتى صعدت روحه الى بارئها نقية كحبات البللور .
الخلود والسلام لروح المناضل محمد سعيد الجماعي وفي فراديس الله مع الشهداء والصديقين وانا لله وانا اليه راجعون .