أخبار الجنوب

*حين يُحارب الشرفاء.*

بقلم /وسيم عارف العبادي. لحج الغد

 

في زمنٍ باتت فيه المبادئ تُباع والمواقف تُشترى يبقى بعض الرجال شموعًا لا تنطفئ ومنارات لا تغيب عن طريق الحق والخدمة ومن هؤلاء القلائل كان ولا يزال الأستاذ عبدالرقيب العمري مدير مطار عدن الدولي الرجل الذي أعاد لهذا الصرح الجوي نبضه الحقيقي وشعلته التي خمدت لسنوات أعاده في وقت عصيب جدًا كان فيه الجميع يبحث عن طوق نجاة فكان هو الطوق والسند والقائد الذي لم ينتظر الشكر ولا التصفيق بل خدم بصمت وأدار بهدوء وتحرك بتواضع قلّ نظيره من يعرف عبدالرقيب يعرف جيدًا معنى الشرف الحقيقي والعمل الصادق الذي لا ينتظر مقابلاً يعرف كيف كان يتجول بين المسافرين كبارًا وصغارًا مرضى وعجائز يسأل عنهم ويهتم بشؤونهم ويتفقد أحوالهم وكأنه أحد ذويهم لا مسؤول عنهم، رجل لا تقيّده المكاتب الفخمة ولا الكراسي الوثيرة بل كان عمله في الميدان وصوته في وجدان كل من مرّ بمطار عدن في عهده هذا الرجل لم يسلم من سهام الحقد ومحاولات التشويه والتقليل من جهات معروفة الرخص والتآمر لكنها لم تنل منه ولم تُفلح لأن الحقيقة دائمًا تعلو وإن طال الزمن لكن اليوم نُفاجأ بتغييره من منصبه دون أسباب واضحة ودون مبرر منطقي يوازي حجم الإنجاز الذي حققه نحن لا نعترض على التغيير ولا نعارض سنة التجديد فذلك أمر مشروع في كل بلاد العالم لكن هل يُعقل أن يُستبدل الناجح المخلص بمن لا يملك نصف بصمته؟ هل بلغنا هذا الحد من قسوة المعايير أن يُستبعد الشرفاء ويبقى الفاسدون؟ في بلدٍ يئن من الأزمات ويشتكي من اللصوص داخل الدوائر الحكومية لماذا لم نسمع يومًا عن تغيير أولئك الذين لا يحملون من الأمانة سوى الاسم؟ لماذا يكون جزاء الشرفاء أن يُزاحوا بينما يستمر العابثون في مواقعهم؟ إن من يعرف العمري يعرف أنه لم يكن مجرد مدير لمطار بل كان روحًا تنبض في جدرانه وكان حضوره ضمانًا لاحترام الإنسان في هذا المرفق الحيوي واليوم نقول له رغم كل شيء: لقد خدمت ونجحت ورفعت الرأس وأديت الأمانة، ويكفيك أنك خرجت من منصبك وأنت شامخ نظيف اليد عالي الجبين فالتاريخ لا يرحم من يتخلّى عن الشرفاء، والكرسي لا يصنع القائد بل القائد هو من يصنع الأثر ويبقى في قلوب الناس بعد أن يرحل ونحن نقولها بوضوح لمن يملك القرار: حافظوا على الشرفاء فإنهم قناديل هذا الوطن وإن خمدت أنوارهم اليوم فستنير غدًا بشهادة الناس والزمان.