أخبار المحافظات

وعد أمان: الصحفي الذي أنار سماء عدن واليمن بصدق الكلمة ونقاء الروح

وعد أمان: الصحفي الذي أنار سماء عدن واليمن بصدق الكلمة ونقاء الروح

بقلم: حسان المطري ــــ عالم فلك ومبتكر

بين النجوم والفضاء حيث تلمع النجوم وتضيء الظلام، هناك إنسان لا يختلف عنها في تألقه ونقائه. الصحفي وعد أمان، ليس فقط ناقلًا للأخبار، بل هو نجم في سماء الإعلام، يشع صدقًا وإخلاصًا لا يُضاهى.

من خلال رحلتي الطويلة في مجال الفلك، ما بين التصنيع والتأليف وكتابة المقالات والأخبار، التقيت بالكثير من الصحفيين. بعضهم كان ينجذب لما أقدمه من محتوى علمي مميز، والبعض الآخر كان يرى في أخبار الفضاء مادة إعلامية مثيرة. لكنني لم أكن أعلم أني على موعد مع تجربة استثنائية، مع إنسان لا يمكن تصنيفه ضمن العاديين. ذلك الصحفي الذي لم يتعامل معي كـ”مصدر خبر”، بل كأخ، وشريك، ومؤمن حقيقي بالعلم وأهميته في نهضة الأوطان. إنني أكتب اليوم عن وعد أمان، ولا أبالغ إن قلت إنه أعظم صحفي عرفته عدن… بل ربما اليمن بأكملها.

وعد أمان ليس مجرد اسم يوقع أسفل الخبر، إنه روح تكتب، وضمير ينبض، وشخصية فريدة يصعب أن تجد مثلها في هذا الزمن المتقلب. بينما كان كثيرون يسعون لنشر ما أقدمه من إنجازات علمية لتحقيق سبق صحفي أو رصيد إعلامي، كان وعد مختلفًا تمامًا. كان يتعامل مع الفلك والعلوم بروح التبجيل. لم يرَ فيّ مجرد باحث أو كاتب، بل مشروعًا يستحق الدعم والرعاية. كان يدرك أن بناء الأوطان يبدأ من تقدير العقول، ولذلك عاملني ككنز وطني، لا كعنوان لمقال عابر. في بلد يُحارب فيه الناجح، ويُستكثر على المجتهد أن يُحتفى به، وجدت في وعد أمان وطنًا صغيرًا، يحتويني ويؤمن بي دون شروط.

ما يميّز وعد ليس فقط حرفه المذهل، ولا قدرته على الكتابة بأسلوب يصل للقلب قبل العقل، بل ذلك النقاء النادر في التعامل. وجدته دائم الاهتمام، دائم الدعم، لا تحكمه المناسبات، ولا تحركه المصالح. كنت أشعر دائمًا أن وراء قلمه قلبًا لا يعرف التزييف، وضميرًا لا يخضع للمساومة. هل تصدق أن مجرد حديث بسيط معه، كان كفيلًا بأن يرفع من معنوياتي ويجعلني أتمسك بطريقي رغم الصعوبات؟ نعم، وعد أمان لم يكن يغطي أخبار الفلك فحسب، بل كان يصنع نجومًا من حوله، ويضيء في زمن انطفأت فيه كثير من الأنوار. هو شخص لا يختلف عن النجوم التي أكتب عنها، متألق في ظلمة الواقع، ثابت في السماء، يشع ضوءه لكل من حوله، مصدر إلهام لا ينطفئ.

في وقت باتت فيه الصحافة أداة في يد المتنفذين، وصارت بعض الأقلام تُستأجر كما تُستأجر المواقف، يظهر وعد أمان كظاهرة فريدة، كمدرسة أخلاقية وصحفية قائمة بذاتها. أقولها بملء يقيني: إن كان الإعلام في اليمن يملك عشرة أمثال وعد أمان، لتغيّرت الصورة كلها، ولاستعدنا احترام الناس للكلمة، وثقتهم بالمهنة. وعد أمان لا يكتب ليقال إنه كتب، بل ليترك أثرًا. وإنني اليوم، إذ أكتب عنه، لا أؤدي واجبًا أدبيًا، بل أقدّم شهادة حق لرجل لم يتخلَّ عن مبدئه، ولم يساوم على قِيَمه، وبقي نقيًا كما عهدته، نادرًا كما لم أرَ مثله في هذا الوسط من قبل.