الصحة

اختبار دم للتشخيص المبكر للاكتئاب لدى المراهقين

كشفت أحدث دراسة نفسية نُشرت في الثلث الأخير من شهر مايو (أيار) من العام الحالي في مجلة «Biological Psychiatry Global Open Science»، المعنية بجوانب الطب النفسي البيولوجي، عن احتمالية أن يُحدث اختبار بسيط عن طريق الدم، ثورة في التشخيص المبكر للاكتئاب لدى المراهقين قبل ظهور أي أعراض بفترة طويلة

9 جزيئات ترصد الكآبة

وأوضحت الدراسة التي قام بها علماء من جامعة ماكغل McGill University في كندا، أن العلماء نجحوا في تحديد 9 جزيئات من الحمض النووي المميز لخلية المصاب كانت مستوياتها مرتفعة في الدم في المراهقين الذين تم تشخيصهم بالاكتئاب لاحقاً، وذلك بعد تطوير طريقة مختبرية حديثة ساهمت في تحديد هذه الجزيئات التي تنبأت أيضاً بكيفية تطور الأعراض مع مرور الوقت.

تنبؤ مبكر

ووجد الباحثون أن هذه الجزيئات قادرة على التنبؤ بالاكتئاب قبل شهر كامل من حدوث أي أعراض. وعلى عكس المؤشرات الحيوية المميزة للاكتئاب في البالغين كانت هذه الجزيئات فريدة من نوعها ولها دور مؤثر في نمو المخ، مما يشير إلى الأهمية الكبيرة لعلاج الاكتئاب في وقت مبكر من عمر المراهق حتى لا يتأثر المخ بشكل سلبي يمكن أن تكون له عواقب وخيمة مدى الحياة.

وأكدت الدراسة أن عدد المراهقين الذين يعانون من تدهور صحتهم النفسية ويتم تشخيصهم بالاكتئاب في تزايد مستمر، وهو الأمر الذي يهدد الصحة النفسية للشباب في المستقبل؛ لأن المرض عندما يبدأ في وقت مبكر من الحياة في الأغلب تكون الأعراض أشد وطأة. ولذلك يصبح المراهقون المصابون بالاكتئاب أكثر عرضة لتعاطي المخدرات والعزلة الاجتماعية والفشل الدراسي والإقدام على محاولات الانتحار.

تحليل عيّنات الدم

قام الفريق البحثي بتحليل عينات دم أخُذت من 62 مراهقاً، وكان منهم 34 تم تشخيصهم بالفعل بالاكتئاب و28 من الأصحاء، وقاموا باستخدام تقنية مبتكرة تسمى نقطة الدم الجافة DBS technique.

وفي هذه التقنية يتم أخذ عينة دم صغيرة من الإصبع أو الكعب ووضعها على ورقة ترشيح ثم تترك لتجف من دون تبريد وبعد ذلك تُرسل الورقة إلى المختبر لتحليلها. وتستخدم هذه التقنية للحفاظ على سلامة الجزيئات مع مرور الوقت.

ارتفاع مستوى «أحماض نووية»

لاحظ الباحثون ارتفاعاً في جميع الأحماض النووية microRNAs التسعة المميزة للاكتئاب في المراهقين، ما يُشير بوضوح إلى ارتباط الحالة النفسية والاكتئاب على وجه التحديد بعمليات بيولوجية معينة في الجسم في المراهقين مختلفة عن العمليات البيولوجية الطبيعية التي تحدث في المراهقين الأصحاء. وبذلك يمكن استخدام هذا الرابط باعتباره وسيلة للتشخيص المبكر لمعرفة المراهقين الأكثر عرضة للاكتئاب قبل حدوث الأعراض بفترة عن طريق رصد التغيرات البيولوجية في جسمه.

وكشفت الدراسة عن وجود 3 جزئيات من الأحماض النووية التسعة نجحت في التنبؤ بشدة الاكتئاب خلال زيارات المتابعة بعد أشهر من جمع عينات الدم في المرة الأولى. ولم تُظهر هذه الجزيئات أي ارتباط بأعراض القلق على سبيل المثال، ما يشير إلى أنها ترتبط بالاكتئاب على وجه التحديد وليس بالتدهور النفسي بشكل عام، ما يجعلها وسيلة تشخيصية دقيقة إلى حد كبير، حيث حققت المؤشرات البيولوجية نسبة دقة بلغت 71 في المائة في القدرة على التمييز بين المراهقين المصابين بالاكتئاب والأصحاء.

صغر منطقة التحكم بالعواطف في المخ

واكتشف الباحثون أن المستويات المرتفعة من جزيء معين من الأحماض النووية ارتبطت بصغر حجم منطقة الحصين hippocampus في المخ (منطقة الحصين مسؤولة عن الذاكرة والتحكم في العواطف في المخ) ويحدث لها تغيرات واضحة في حالات الإصابة بالاكتئاب، ما يعني أن المؤشرات الحيوية في الدم تعكس التغيرات الفعلية التي تحدث في مخ المراهقين أثناء تطور أعراض الاكتئاب.