الأسد الذي ترجل باكراً
لحج الغد – كتب علي حسن الخريشي
قال تعالى” مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تبديلا”
وقال تعالى :” وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”
الشهيد .. كلمة يسمعها الكثير ويتمنى نيلها الكثير ويبذل لها الكثير لكن لا ينالها إلا الرجال ممن يهبون أنفسهم للذود عن مبادئهم وهم قليل.. دفاعا ًعن كرامة الإنسان وحريته، فهنيئاً لك يعقوب، هنيئاً لك شرف الشهادة، نعم نهنئك !! لأنك تسمع كلماتنا.. نعم أنت تسمعها لأنك شهيد بإذن الله حي ُعند ربك ترزق، إذا فأسمح لنا أن نبارك لك هذا الشرف…. لأهلك.. لزملائك وأحبتك…. ونبارك لأنفسنا بعد هؤلاء كلهم ، وفي نفس الوقت نعزيها بفقدك ، لن نبكيك دموعاً لأن هذا دأب من يموت على الفراش فكيف نبكيك وأنت واقفاً وجهاً لوجه أمام العدو في عاصمتنا عدن، عدن التي نزلت إليها حاملاً روحك، لتدافع عنها .. وعن كرامتها، فكنت صادقاً في ثباتك وبطولتك ، كما عهدناك، أول من يتقدم وآخر من ينسحب . إنه يعقوب هذا الشاب الذي كان صادق في حبه لأرضه الجنوب، حتى الثمالة، الشاب الذي كان من مؤسسي اتحاد شباب الجنوب، مع بقية زملائه الشباب. منذ بداية انطلاقة الحراك الجنوبي.
يعقوب هوالرجل الذي كان يعتمد عليه في أصعب المهمات، وأخطرها. فلا يتردد، أو يتقاعس. ولم نرى في عينيه إشارات الانهزام ، لان نفسه كانت لا تعرف إلا النصر، أو الموت دونه، وهذا هو الوفاء الحقيقي الذي كان يحمله شهيدنا يعقوب بين جوانحه.وخلجات نفسه.
فما زلت أتذكر يعقوب السليماني هذا الشاب الوسيم العالي الهمة، المخلص لأصدقائه ووطنه، وهو يتكلم عن وطنه الجنوبي المسلوب، فقد كان رحمه الله يحمل هم أمة الجنوب بأكملها.
لأنه كان رحمة الله عليه قريباً من الناس، يستمع لهمومهم، ويشاركهم أحزانهم، وأفراحهم ، لذلك فقد عرفه الصغير والكبير. إن الكلمات لتعجز أن توصف هذا الشهيد.
فليس هناك كلمة يمكن لها أن تصف الشهيد، يعقوب السليماني، ولكن قد تتجرأ بعض الكلمات لتحاول وصفه، فهو: “الأسد الجنوبي الذي ترجل باكراً”، وما كان بخلدنا يوماً أن يودعنا هذا الليث، ولكن هكذا هي حياة الأبطال الصناديد قصيرة. .. لأنهم دائماً يعطون ولا يأخذون، يقدمون ولا ينتظرون المقابل. وهكذا هم شهدائنا جميعاً.
لقد قدمَ الشهيد يعقوب السليماني روحه ، لنحيا نحن في أرض الجنوب بحرية وعزة وكرامة.
لقد قدّم الشهيد يعقوب حياته لكٍ يا عدن.. وأبى إلا أن يروى عطشك بدمه الطاهر .. فهيا أنهضي يا عدن.. أنهضي.. فما زال ليعقوب وإخوانه الشهداء دماء ترويك . وما زال لمدينة المعلا روح طاهرة تحرسها، ويسمع صدى نسماتها، عند شروق الشمس وغروبها.
فنم غرير العين أبا أسامة .. فقد عظمت منزلتك، وارتفع قدرك عند خالقك الكريم، الذي أكرم الشهداء ورفع درجاتهم، وأسكنهم جنات النعيم. نسأل الله ، أن يسكنك الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين وحسن أولئك رفيقا.