أخبار الجنوبمقالات

زلزلت قيامة الجوع في جنوب العرب

زلزلت قيامة الجوع في جنوب العرب

لحج الغد – بقلم: أ.د. علي مهدي بارحمة

أفكر في شعب مغلوب على أمره، وأناسٍ حالتهم في غاية الصعوبة، أشاهدهم يوميًا يعانون من حاجتهم الملحّة لسد جوعهم وتجاوز عوزهم في أدنى مستوياته. والله، والذي نفسي بيده، أشاهدهم في المنصورة، والمعلا، وصيرة، والشيخ عثمان، وفي الحوطة، والمَسِيمير، والحُبَيلين، والحَدّ، وزنجبار، ومودية، والمحفد، ولَبْعُوس، والشَّعيب، والضالع، وعتق، وميفعة، والعُليَا، وجردان، والمكلا، والشحر، وسيئون، والعيون، وفي سيحوت، والغيضة، ونِشْطون، وحِيدْبُو، وقلنسية.

وأتساءل في حسرة قاتلة: هل يشاهدهم أحد من السادة أعضاء مجلس الرئاسة، الملقب بالقيادي؟ أو هل يراهم زميل الكرادة والسعدون والكاظمية؟ هل يشعر أحد أعضاء حكومته المتهالكة بما أشاهده في وضح النهار، وما يراه الوطنيون في ربوع هذه الأرض المنكوبة؟ هل يراهم السادة المحافظون ويشعرون بما يعانيه سكان الجنوب المغلوب على أمره؟ أم أن الأعين تعامَت عمدًا، أو تحججت بعجز السلطات المتناحرة، المتخبطة، المسعورة من هنا وهناك، حتى إنها لم تصغِ لما تسمع وتشاهد من مآسي الأطفال الرضع والأمهات المسلوبة حقوقهن، أو من شباب وشابات يتظاهرون بالعزة وهم في أشد الحاجة إليها؟

ماذا عن الآباء الذين لم يتمكنوا حتى من مسح دموع الحسرة عن وجوههم، غير قادرين على النظر في عيون بعضهم البعض؟! اليوم يفرّ كلٌ من جاره، ويهجر مُرغمًا أمّه وأباه، يتسكع بين الأزقة والحوافي. اليوم يفرّ الرجل من زوجته، والابن من أبيه، والأخ من أخيه. بالله عليكم، هل حَلَّ علينا عقاب جماعي على جرم لم نرتكبه قبل أن تحلّ الواقعة؟

اليوم لم يعد أحد مستفيدًا من دولة أو حاكم؛ لا موظف، ولا قاضٍ، ولا حارس، ولا أستاذ جامعي، ولا عسكري، ولا معلم، ولا مهني، ولا عامل، ولا طالب.

(رأيت الطالب الجامعي يسأل كسرة خبز فلم يفلح، فكيف، بربكم، تريدونه أن ينجح؟!)

هل يستطيعون بناء وطن؟
هل يستطيعون صناعة إنسان؟
هل يستطيعون الدفاع عن الأرض؟

كل شيء اُغتصب بأساليب غير مشروعة داخليًا وإقليميًا ودوليًا، مدفوع الثمن، ومعه انهار التعليم، وأصبحت الأسرة على حافة الهاوية، فيما يستمر انهيار العملة بلا توقف.

هل هناك بصيص أمل لإنقاذ هذا الشعب؟
هل ستكون ثورة الجياع ذلك البصيص؟
هل نُسيّر قوافل من الإبل والحمير، ونعتمد على البالونات لسد مضيق باب المندب، لعلّ الشرعية الدولية تتدخل لإنقاذنا؟
هل الأمل في أن يعود ذو القرنين؟

الأمل الوحيد المتجدد هو في قدرة الله وحده على إنقاذ هذا الشعب.