تقارير وتحقيقات

الجفاف في الضالع.. ظاهرة مناخية تهدد البيئة والإنسان

الجفاف في الضالع.. ظاهرة مناخية تهدد البيئة والإنسان

> خديجة خالد:

يعاني السكان أزمة حادة بمياه الشرب نتيجة لموجة الجفاف
> تواجه محافظة الضالع جنوبي اليمن، تحديات مناخية كبيرة بسبب ظاهرة الجفاف التي تشكل تهديدًا كبيرًا للموارد المائية والزراعية والصحية، مما ينعكس سلبًا على حياة الفرد والمجتمع، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية جراء تداعيات الحرب.

والجفاف ظاهرة مناخية تحدث عندما تنخفض كميات الأمطار الموسمية في منطقة معينة لفترات طويلة، مما يؤدي إلى نقص في المياه. ويُعتبر الجفاف من المخاطر المناخية طويلة الأمد التي تُسبب تجفيف التربة والغطاء النباتي، وتؤثر سلبًا على الناس والطبيعة.

  • الجفاف في الضالع

ويتسبب الجفاف أيضًا بتوقف النشاط الزراعي. ويقول “صالح سالم” من مديرية جحاف، إنه كان يعتمد على الزراعة كمصدر رزق وحيد، لكن انخفاض هطول الأمطار أجبره على ترك الزراعة والعمل في ورشة للنجارة بمدينة دمت.

ويضيف: “كنت أزرع الذرة والقمح والخضروات، لكن في السنوات الماضية قلَّ هطول الأمطار، وأدركت أن الاعتماد على مصدر واحد للرزق لم يعد خيارًا آمنًا، فقررتُ أن أتعلم مهنة جديدة، واستطعت لاحقًا أن أعمل في ورشة للنجارة”.

سالم أشار إلى نزوح معظم سكان قريته بسبب نقص المياه، واضطرارهم لجلب مياه الشرب من مناطق بعيدة، أما الوديان فقد أصابها الجفاف وانتهت منها الزراعة.

مدير موارد المياه بمحافظة الضالع، المهندس “بدر محسن”، قال إن انخفاض معدل الأمطار والتغيرات المناخية الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة، وتغير نمط هطول الأمطار؛ ساهم بشكل كبير في تفاقم المشكلة. وأكد محسن لـ”منصة ريف اليمن”، أن الاستخدام المفرط للمياه الجوفية، وإهمال صيانة البنية التحتية لأنظمة الري والصرف الصحي زاد من تعميق الأزمة.

  • الحفر العشوائي للآبار

تعد مشكلة الحفر العشوائي للآبار من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تفاقم أزمة الجفاف، وبحسب المهندس محسن لا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد الآبار في المحافظة، لكن زيارات ميدانية أظهرت جفاف عشرات الآبار، خاصة في مديرية قعطبة. وأشار محسن إلى أن المسافة بين بعض الآبار لا تتجاوز عشرة أمتار، مما يؤدي إلى استنزاف المياه الجوفية.

ويؤكد الخبير الزراعي “محمد الخياري” أن “الحفر العشوائي للآبار دون مراعاة المسافات المناسبة يعتبر السبب الرئيسي لجفافها، إذ يقوم المواطنون بحفر الآبار بشكل عشوائي دون مراعاة المسافة المناسبة، ما يؤدي إلى تدهور مستوى المياه، ويفاقم مشكلة الجفاف”.

وأوضح الخياري لمنصة ريف اليمن أن “استهلاك شجرة القات للمياه بشكل كبير يعتبر سببًا آخر للجفاف، حيث تحتاج هذه الشجرة إلى كميات ضخمة من المياه، خاصة مع استخدام الأسمدة الزراعية التي تزيد من استهلاك المياه”.

الصحافي “يعقوب السفياني” قال إن غياب ثقافة ترشيد المياه، وتزايد الحفر العشوائي للآبار يسهمان في تفاقم مشكلة نقص المياه، موضحًا أن تراجُع موسم الأمطار، وغياب المشاريع الاستراتيجية لحصاد المياه أثَّر بشكل مباشر على توفُّر المياه في المنطقة.

ويعاني السكان في مديرية الشعيب من أزمة حادة في مياه الشرب نتيجة لموجة الجفاف التي تضرب المنطقة، وقد دفعت هذه الأزمة الأهالي إلى إطلاق مناشدات إغاثية للفت الانتباه إلى معاناتهم.

يقول “محمد الشعيبيط إن طهذه الظروف تتسبب في تأثيرات اقتصادية واجتماعية وبيئية متعددة، بما في ذلك تدمير المحاصيل الزراعية، وانخفاض أعداد الثروة الحيوانية، وارتفاع أسعار السلع الغذائية، مما يؤثر سلبًا على مستوى معيشة السكان”.

الدكتور “يوسف المخرفي”، أستاذ المناخ والتغيرات المناخية في جامعة صنعاء، أوضح أن للجفاف آثارًا سلبية على صحة الفرد بسبب تدني مستوى نصيبه من المياه، ما يؤدي إلى زيادة تعرضه للأمراض، مثل جفاف الجلد والأمراض المعدية.

  • حلول مقترحة

كما يؤدي الجفاف -بحسب المخرفي- إلى تدهور الأراضي الزراعية، وتشقُّقها وتصحُّرها، وتملُّحها، مما يقلل من إنتاجيتها الزراعية، كما يسهم في تدهور الغطاء النباتي، وتناقُص المراعي الطبيعية، ويؤثر سلبًا على التنوع البيولوجي.

وتشير البيانات إلى أن هناك كميات كبيرة من المياه السطحية تضيع عبر مجاري الوديان والمسايل الجبلية دون الاستفادة منها، حيث تُقدّر الموارد المائية المتاحة بحوالي 68 مليار متر مكعب سنويًا. ولا يُستفاد من هذا الكمية سوى 4.7 مليار متر مكعب فقط في عملية الري الزراعي.

وتفيد بيانات مكتب الزراعة والري في محافظة الضالع بأنه تم تنفيذ مشاريع لحصاد المياه منذ عام 1997، وحتى 2019م، مثل بناء السدود والحواجز المائية والخزانات، لكن عدد هذه المشاريع تراجع في السنوات الأخيرة بشكل كبير.

ولمواجهة مشكلة الجفاف، يوصي المهندس الزراعي “محمد عبدالله” بإنشاء عدد من السدود والحواجز المائية لتخزين مياه الأمطار وتحسين الإنتاج الزراعي، بما يشمل تحسين زراعة الذرة والحبوب والخضروات، وزيادة المساحات المخصصة للأعشاب والنباتات التي تعد مصدرًا للمراعي للماشية.

أما الدكتور يوسف المخرفي فيؤكد على أهمية الحفاظ على الخضرة في المناطق المهددة بالجفاف من خلال الحد من ظواهر الاحتطاب الجائر والرعي المفرط.

وشدد في حديث خاص لمنصة ريف اليمن على أهمية “تكثيف الجهود لإنشاء مشاريع لحصاد مياه الأمطار، مثل: السدود، والبرك، والخزانات، بالإضافة إلى ترشيد استهلاك المياه، وتجميع مياه الصرف الصحي ومعالجتها لإعادة استخدامها في الزراعة”..

عن الايام