مقالات

عدن لن تنسى جرائمكم

لحج الغد – محمد علي محمد 

 

تشهد مدينة عدن الحبيبة منذ انتهاء حرب 2015 التي تسببت بدمار كبير ومعاناة لا تُحصى إهمالاً شديداً من قبل الحكومة تجاه المتضررين.. فقدت العديد من الأسر أحبابها، بل هناك عائلات بأكملها استشهد جميع أفرادها، وبالرغم من مرور سنوات على الحرب، إلا أن آثارها ما زالت باقية، حيث يعيش الناجون في مساكن بالإيجار يدفعون ثمنها من جيوبهم، في ظل ظروف معيشية صعبة للغاية.

وفي حوار مؤثر على قناة عدن المستقلة، ضمن برنامج صوت المواطن، كشف رئيس لجنة حي القطيع العتيق رأفت جواد محمد عن حجم المعاناة التي يعيشها سكان الحي، وصف جواد الوضع المأساوي الذي يعيشه المتضررون، حيث لا يجدون من يمد لهم يد العون أو يقدم لهم الدعم، مناشداً السلطة المحلية والحكومة والرئاسة، بتحمل مسؤوليتهم تجاه المواطنين، والتوقف عن تجاهل معاناتهم، معرباً عن أسفه لعدم الوفاء ممن كان المفترض عليهم تقديم المساعدة لأولئك المواطنين المتضررين البؤساء.

بهذه الكلمات المؤثرة عبر رأفت جواد وبصرخة مدوية وكأنه بلسان كل مواطن ليس في حَيِّهِ وحسب بل عن كل سكان عدن الصمود والإباء يقول: عدن تستغيث فمن يلبي النداء؟

آه لو كان كل رؤساء اللجان في أحياء عدن مثله وكل رجالها والنساء، لما تمادى الظالمون وتعالى الأقزام، ولما نهب اللصوص منا أبسط الأحلام.

بالله عليكم ما الذي يمنع زعماءنا وقادتنا والوزراء من أن يحذو حذوه وأن يتحملوا مسؤوليتهم تجاه مواطنيهم بأمانة وصدق ووفاء؟

إلى متى سيظل الناس في وطني تعساء وهم قدموا الغالي والنفيس لأرضهم بسخاء؟ وإلى متى يعربد الظالمون دون حساب وقضاء؟، ومتى يشبع المتخمون بمال الأرامل وأبناء الشهداء؟، ومتى تسترد الحقوق لمن بذلوا أرواحهم فداءً؟

فالواجب على من تقاسموا حقنا (حكومة المناصفة) الإسراع في إعادة إعمار المنازل التي دمرتها الحرب، لتمكين الناجين من العودة إلى ديارهم، وتوفير مساكن بديلة للمواطنين الذين لا يستطيعون العودة إلى منازلهم المدمرة، وتقديم الدعم المالي لتغطية نفقات الإيجار، والمعنوي لمساعدتهم على تجاوز الصدمات النفسية التي تعرضوا لها، وتوفير الرعاية الصحية اللازمة، ومحاسبة المسؤولين عن الفساد الذي تسبب بتأخير إعادة الإعمار، وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها.

إن معاناة المتضررين من حرب 2015 وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء، ونقول لمن خانوا العهود ونكثوا الوعود: إننا وإياكم في حرب مفتوحة للبقاء، وبين يدي الله سنجتمع يوم اللقاء، أما تخجلون من أنفسكم وقد فرطتم في واجبكم في تحمل مسؤوليتكم التاريخية في التحرك الفوري لإنقاذ هؤلاء الناس وانتشالهم من واقعهم المرير؟ وإلى متى سيستمر فشلكم؟ ولماذا مجبرون للصبر على بقائكم؟

إنها أسئلة تطرح نفسها اليوم بقوة بعد صبر فاق صبر الأنبياء من كل مواطني الجنوب وعلى الأخص عدن التي لم تعش ليلة بهناء، أسئلة لم تمطرها السماء، بل ولدت من رحم الخذلان والعناء.

إلى متى سيظل المسؤولون يتجاهلون معاناة الشعب؟ إلى متى سيظل الفساد ينخر جسد الوطن وفي أجسادنا التي تأكلها المآسي والهموم ناهيك عن الأوباء؟

إن الإجابة على كل تلك الأسئلة مسؤولية كل حرٍ مِنَّا، فيجب أن نرفع أصواتنا وأن نطالب بحقوقنا وأن نضغط على حكومة الشراكة لتحمل مسؤوليتها تجاه الشعب الذي اشتركوا في قهره دون استثناء، ولا بد من أن نكون صوت الحق الذي لا يخاف في الله لومة اللؤماء، لأجل عاصمة الحب والسلام الطاهرة العذراء التي تستحق الأفضل ويستحق أن يعيش أهلها بأمن وأمان بما تبقى من حياتهم سعداء يكفيهم وجعا وحزنا وعزاء.

علينا أن نعمل جميعاً لتحقيق هذه الغاية، وذلك بتطهير كل فاشل ومن نقض عهود الأوفياء، وتسبب في تهميشنا وإضعافنا ونحن بالحق أقوياء، لا سيما وقد حررنا أرضنا بسواعد رجالنا الشرفاء وبدم طهور سقاها مجاهدونا الجرحى والشهداء، ولا سبيل لخلاصنا إن لم ننتزع حقنا انتزاعاً لا يعرف التنازلات الرعناء، ولا الركون للمخادعين والأعداء، فإما نكون لها مشعلاً يشع نوره الجنوب في كل الأرجاء، أو لا نكون سوى عبيد مضطهدين خاضعين خانعين مطأطئي الرؤوس أذلاء. أفيقوا من سباتكم قبل الندم ولا ينفع البكاء، وأي نوم هذا والقادم أَمَرُّ وأدهى وأَنْكَى؟ ولا نامت أعين الجبناء.