مقالات

حتى لا يُسرَق نصر الجنوب ..

 

الم تكن الشرعية هي التي مهدت للانقلاب على الدولة بانقلاب أبيض قاده الزعيم علي عبدالله صالح وبتواطؤ حزب الإصلاح فهل من المنطق أن يكتسح الحوثي كل دفاعات العاصمة من ألوية الحرس الجمهوري وقوات الفرقة الأولى مدرع وقوات الأمن المركزي وكل حاضنة السلطة من قبائل الطوق؟ وهل يعقل أن كل هؤلاء مر عليهم الحوثي وهم نيام في أخدارهم ولم يحسوا فيه وهو يطرق أبواب صنعاء؟ أما الأحزاب السياسية فليس عليها حرج لأنها الحاضرة الغائبة تعيش مثل ما تعيش الطفيليات على موائد السلطان، أما الرئيس التوافقي فكان دوره كشاهد ما شافش حاجة وأصبح في خبر كان.

لاحظوا لمجرد ما تم الانقلاب ذاب الجميع كما يذوب الملح في الماء، فمنهم من غادر ومنهم من توجه إلى الجنوب وعلى رأسهم الرئيس التوافقي وتبعه البقية وبعدها فر هاربًا عبر عمان وإلى الرياض وكان الزحف نحو الرياض سريعًا ليشكلوا الشرعية التي أصبحت بقدرة قادر معترف بها دوليًّا بينما الحوثي وحليفه عفاش انفردوا بالسلطة ووجهوا كل الجيوش للزحف إلى الجنوب لإعادة احتلاله والسؤال لماذا الجنوب؟

الجنوب كان ولا زال منذ القدم محل أطماع القوى العصبوية لحكام الهضبة على مر القرون الماضية وكان عصيًّا على الهضم وحتى بعد احتلاله في عام 94 م صرح عبدالكريم الإرياني بأن ما تبقى هو هضمه وهو يعرف بأن الجنوب عصي على الهضم مهما وجدوا من أحصنة جنوبية تساعدهم على الاحتلال… وكان

اعتقادهم خاطئًا بأنهم سيمرون بموكب عسكري إلى عدن دون أن يعترضهم أحد تحت وهم مطاردة الدواعش (الرئيس الشرعي) وأن الجنوبيين لن يقفوا معه نكاية بما عمله فيهم ولكن كان اعتقادهم خاطئًا فالجنوب لديه شعب عند الضرورة يستنهض قواه الحية للدفاع عن نفسه ضد أي معتدٍ وأيضًا كان الرهان الآخر بأن إيران قد استقطبت بعض الحراك وتعتقد عبرهم ستمرر مخططاتها في السيطرة على عدن والجنوب وهذا أيضًا كان اعتقادًا خاطئًا فالحراك الحقيقي هو من كان في مقدمة المقاومين للاحتلال الجديد.

المهم تشكلت تحالفات إقليمية ودولية تمسكت بالشرعية المتمثلة بالرئيس المنتخب وسرعان ما تكاملت الشرعية الهاربة وغيرها حوله حتى تمكنت من إحكام السيطرة بمساعدة الإقليم والعالم.

التي اعتقدت بأنها ستسرق انتصار الجنوب ووضعت حساباتها بأن الجنوب وطن بديل لها وركزت على هذا الهدف وتركت عاصمة الشرعية محتلة ووضعت الخطط للدفع بمئات الألاف بحجة النزوح وأوكلت مهمة استيطانهم للمنظمات الدولية لمليء الفراغ في الجنوب ولتغيير الوضع الديمغرافي حتى ابتدعوا بطاقة هوية يقال إنها ذكية لا تحدد فيه مكان الميلاد.

هنا يتطلب دق أجراس الإنذار ليصحو من كان في غفلته من الجنوبيين وبالذات من يتحمل مسؤولية حمل قضية الجنوب عليه أن يفكر ألف مرة في كل خطوة يخطوها بعد أن وجد نفسه في مأزق الشراكة مع الشرعية التي تتعمد بممارسة أسوأ أنواع الحصار على شعب الجنوب لم يسبق له مثيل في التاريخ وكل المؤشرات تقود إلى أن هذا العمل مبرمج لفصل الانتقالي عن حاضنته الشعبية وبالتالي من السهل اجتثاثه وتنفيذ مخطط إعادة شعب الجنوب إلى باب اليمن. لم تعمل الشرعية ولا من يقف وراءها أي حساب لتضحيات الجنوبيين في كسر شوكة إيران وعفاش على شواطئ عدن وحقق الجنوب الانتصار اليتيم الذي قدمه للشرعية وللتحالف ولا زالت الشرعية تتصرف بنفس آلية نظام الاحتلال اليمني للجنوب وكأنك يا بو زيد ما غزيت وعادت حليمة لعادتها القديمة.

السؤال لماذا الحرب؟ ولماذا الدمار الذي جرى إن لم يحقق المنتصرون أهدافهم الذي ضحوا من أجلها؟ لن تستطيع أي قوة على الأرض إرغام الجنوب العودة إلى ما قبل 2015م إلا بتواطؤ جنوبي من أي نوع وقبل أن يقع الفأس بالرأس يتطلب من المجلس الانتقالي والقوى الجنوبية الأخرى والشخصيات الوطنية أن تعيد حساباتها وتقييم ما سبق من خطوات. وأصبح هذا الإجراء مسألة ضرورية وحيوية الآن وليس غدا فالجنوب لن يأتي من الخارج أو بوعود من أحد ولكن يصنعه الشعب على أرض الواقع…

هناك هفوات وأخطاء في الممارسة من قبل المشاركين في السلطة من ممثلي الانتقالي والجنوبيين الآخرين على الجميع الاستماع إلى مطالبات الجنوبيين في تصحيح الأخطاء وخاصة من تورط بالفساد ومن يمارس أفعالا وتصرفات خارج نطاق القانون والنظام وعلى من يمثل الجنوب أن يصنع النموذج والقدوة في القول والفعل على أرض الواقع وأن يرسي أسس العمل المؤسسي وأن يضع في حساباته التوازن الوطني في كل شيء عسكري أو أمني أو مدني على مستوى الخارطة الوطنية للجنوب.

من غير المنطقي أن تجري تسويات بتجاهل قضية شعب الجنوب فالإقليم والعالم يعلم علم اليقين بأن الجنوب كان دولة مستقلة وذات سيادة ولكنه دخل في وحدة مع دولة أخرى وفشل المشروع الوحدوي وتحول إلى مشروع احتلال واستيطان وتهميش شعب الجنوب واجتثاثه من جذوره عبر مختلف التوصيفات منها تكفيره وزرع الإرهاب وإطلاق خلايا الاغتيالات لكوادره والبسط على أراضيه والسطو على ممتلكات الدولة الجنوبية من مصانع ومزارع وحقول نفط وغاز وحتى تم توزيع البحر إلى قطاعات فيما بينهم ولم يتركوا لشعب الجنوب شيئًا حتى أنهم يصفوه بأنهم بقايا الإرث الاستعماري من هنود وصومال وطرش بحر مثل هذه التصرفات من قبل نظام صنعاء تجاه الجنوب لا أعتقد أن الدول المجاورة والعالم يقبل بذلك على الإطلاق ويدعم هذا الاتجاه.

تطويل أمد اللاحرب واللا سلم ليس لصالح قضيتنا فهم يراهنون على الوقت لتفتيت صفوف الجنوبيين أكثر مما هي مفتتة وإدخال البعض في عالم الفساد حتى ينسوا قضيتهم ومع إحكام الحصار على الشعب ويصبح من المستحيل تحقيق أهداف وتطلعات شعب الجنوب

أدعو بإخلاص كل القوى الجنوبية من انتقالي وغيرهم قبل فوات الأوان أن يأخذوا التنبيهات هذه بجدية وأن يعملوا على الاصطفاف الوطني الجاد حتى تحت الحد الأدنى لمواجهة الموقف الحساس والذي لا يتطلب التأخير أو المماطلة فالكل معني بما يجري داخل الجنوب وحول الجنوب فلا مكان للوقوف في المنطقة الرمادية فالتاريخ لا يرحم..