مقالات

الأسود والثعالب..

لحج الغد – علي سالم بن يحيى

تكاد تكون محافظة شبوة أكثر المحافظات دفعًا لثمن وحدويتها، وجنوبيتها، في آن واحد، ذلك الثمن دائمًا ما يكون نفيسا، ولو كان على حساب ثروتها وكوادرها، فهو يهون لأجل عين الوطن والوطنية.

تلك التضحية يقابلها جحود ونكران، عند كثير ممن لا يدركون معنى أن تغضب شبوة، وإذا غضبت فهي نهاية لكل المتغطرسين، ومن أتت بهم الصدفة ليكونوا حكامًا أو مسؤولين، فحبالهم أوهن من خيوط العنكبوت، وعضلاتهم سرعان ما يذوب جليدها، أمام شمس شبوة الحارقة.

كنت ذات يوم بمعية المحافظ السابق محمد صالح بن عديو (في حينه كان وكيلًا للمحافظة)، أثناء لقاء له مع د. عبدالله عمير، المدير التنفيذي للشركة اليمنية للاستثمارات النفطية، وبحضور عدد من الموظفين، وأكد ابن عديو، أن شبوة اليوم غير شبوة الأمس، ولابد من عودة حقوق المحافظة، وحصول أبنائها على حقوقهم، وقال ما نصه: ” نحن لا نطالب بنصيب الأسد، ولن نرضى بنصيب الثعالب”! (واتضح لاحقًا من نال نصيب الأسد)!.

تحدث أحد الموظفين من أبناء شبوة، وعن الظلم والتعسف الذي يلاقونه، فرد عليه، أحد المسؤولين، قائلا: هذه عنصرية”!

يا سبحان الله، عنصرية، وهو يتحدث عن مطالبات مشروعة، بينما هو من محافظة أخرى ويتقلد منصب قيادي كبير في الشركة، والآن وشلته يسيطرون على الأرض والثروة والمناصب، ولم ينبس أحد ببنت شفة، انتصارًا للجنوب، وقضيته التي تشبه قميص عثمان.

بالأمس صدر قرار رئيس الحكومة د. أحمد بن مبارك، بتعيين ابن شبوة، المؤهل، د. عبدالله الدمبي العولقي، مديرًا للشركة ذاتها، ولم يلاقِ القرار استحسان دعاة المناطقية البغيضة، والعنصرية، فرفضوه، في محاولة لفرض أحد (أولياء الله الصالحين) من أتباعهم، وكأنه مكتوب على شبوة أن تبقى مجرد هامش على بوابتهم، وهم يعلمون جيدًا أن شبوة (رأس)، ولاعب أساسي لن تبقى في مقاعد الاحتياط طوال زمنهم النرجسي!.

هناك قرار سابق بتعيين ناجي الشريف، نائبًا لرئيس مؤسسة موانئ البحر العربي، فقامت قيامة حضرموت، ورفضت القرار، وكأن ابن الشريف جاء غازيًا، محتلًا، وذنبه الوحيد هويته الشبوانية..!.

بينما شبوة، لم ترفض أحد، تفتح قلبها للقادمين من خلف الجبال، والطامحين، لتحسين مستوياتهم المعيشية، ولو على حساب نمائها وتطورها، هكذا هي شبوة لا تحمل في أوردتها دماء العنصرية تجاه ضيوفها، ولو كانوا من (أراذل) القوم..

هناك غيض من فيض الجروح والآلام الشبوانية تجترها، ولا تتوقف عندها، كي لا تكون عائقًا، ولا سببًا لتوسيع شرخ الخلافات، وفتح باب المناطقية والعنصرية.

اليوم نتفاجأ بمن يتطاول على سيادة المحافظة وثروتها جهارًا نهارًا، وبوقاحة عبر دعوات مشبوهة وتمثيل أحمق، واستبعاد تام لشبوة وسلطتها المحلية لطبخة (بيع وشراء) في القاهرة بين (المفسدين)، وممثلي شركة OMV ” تتعلق بإخلاء مسؤولية الشركة المشغلة للقطاع النفطي في شبوة، واستلام القطاع دون تنفيذ التزامات الشركة بالقيام بواجباتها..”.

هذه الإجراءات الأحادية، وعبر أدواتهم (الرخيصة) كفيلة أن تجعل شبوة تصحو من سباتها العميق ومثاليتها (العمياء)، لتنتزع حقوقها، مثلما تفعل حضرموت ومأرب.

إن قامات أولئك أقصر وأقزم من تطاولهم على شبوة وتغييبها، وعليهم أن يداروا ملفات فسادهم وخيباتهم، وعنصرياتهم، بدلًا من فتح باب التطاول عليها، وقيادتها وتهميشها، وهو العنوان الأمثل للفشل، وتأكيدًا على أنه جيء بهم على غفلة، وفي لحظة (بلادة) وعفونة سياسية..!