تقارير وتحقيقات

قرية حيدلتهوم بردفان.. أطفال يدرسون تحت الأشجار والأهالي يبحثون عن المياه

– 

قرية حيدلتهوم بردفان.. أطفال يدرسون تحت الأشجار
لحج الغد  -هشام عطيري:
تتمتع مديرية ردفان بالعديد من المميزات التي تؤهلها لأن تكون منطقة جذب سياحي، رغم معاناة الأهالي في العديد من قرى المديرية من غياب الخدمات الأساسية، على الرغم من المبادرات المجتمعية للأهالي وتدخل بعض المنظمات في عدد من المجالات.
قرية حيدلتهوم بردفان

قرية حيدلتهوم بردفان

في منطقة البكري، تجد عشرات القرى المنتشرة على جنبات الطريق الأسفلتي الذي يصل إلى نقطة النهاية بعد عدة كيلومترات. ويعد مركز الجبل المركز الرئيسي لهذه المناطق المتناثرة بين الجبال، والتي يقدر عددها بأكثر من خمسين قرية.

  • مركز الجبل

يوجد في هذا المركز مدرسة ووحدة صحية ومحلات تجارية محدودة تُعد موقع تسوق لأهالي مركز الجبل. المشكلة التي يعاني منها أهالي المركز هي شح المياه والاعتماد على مياه الأمطار من خلال إنشاء البرك للاستفادة منها وقت الجفاف، نتيجة غياب مشاريع المياه التي تعد من أصعب المشاريع في المنطقة بسبب الجفاف وطبيعتها الجبلية.

  • معاناة متفاقمة
قرية حيدلتهوم تُعد إحدى قرى مركز الجبل، وهي قرية تشتهر بالزراعة. إلا أن مشاكل أهالي القرية ومعاناتهم لا تختلف عن معاناة بقية المواطنين في القرى الأخرى.

لكن هناك مشكلة أكبر تعاني منها القرية وهي غياب الفصول الدراسية للأطفال، حيث يشكل بُعد المدرسة في مركز جبل خطرًا يتهدد الأطفال الذاهبين للمدرسة، بسبب وجود طريق رئيسي وقطع مسافات طويلة سيرًا على الأقدام. هذه المشكلة أوجد لها الأهالي حلًا بالتنسيق مع إدارة المدرسة من خلال فتح فصول دراسية في القرية.

عدم توفر الإمكانيات دفع أحد الأهالي إلى تحويل منزله إلى فصول دراسية، فيما تحول موقع آخر وسط الأشجار إلى فصل دراسي في الهواء الطلق.
يتعلمون تحت الأشجار

يتعلمون تحت الأشجار

وفي قرية حيدلتهوم، تلاحظ انتشار برك المياه بجانب كل منزل، حيث تتجمع مياه الأمطار أثناء الموسم للاستفادة منها وقت الجفاف، رغم مخاطرها الصحية.

أزمة المياه في القرية خانقة، إذ لم تنجح عمليات حفر سابقة لبئر مياه في الوصول إلى المياه التي تُقدر بمسافة 750 مترًا.

  • أطفال في العراء
يقول محسن العيسائي، وهو وكيل مدرسة في مركز جبل: “إن قرية حيدلتهوم تعاني من مشاكل كبيرة في مجالات التعليم والصحة والطرقات والمياه، مشيرًا إلى أن الأطفال يدرسون في العراء. الأولاد كانوا يذهبون للمدرسة الأم في المركز التي تبعد عن القرية بخمسة كيلومترات، مما تسبب في تسرب الطلاب نتيجة بُعد الطريق والظروف الجوية. الأطفال لا يستطيعون إكمال دراستهم، لذلك اضطر الأهالي إلى تأسيس شعب دراسية كملحقية للمدرسة الأم الشهيد حسين منصر”.
صورة للمدرسة

صورة للمدرسة

يتابع محسن حديثه بالقول: “من أجل مساعدة الطلاب والطالبات على الدراسة، قام أهالي القرية بتوفير المستلزمات المدرسية من سبورات وطباشير، ورغم ظروفهم قاموا بتجميع مبالغ مالية رمزية لجلب معلمات لتدريس المواد الدراسية للأطفال الذين يدرسون في العراء تحت الأشجار أو في أحد منازل المواطنين الذي تكرم مشكورًا بإعطاء المنزل لفترة مؤقتة، حفاظًا على أطفالهم من التسرب”.

وأوضح محسن أنه لم يتم تقديم أي دعم لهم من الجهات المختصة لبناء فصول دراسية في القرية.

يؤكد محسن على مطالب الأهالي للسلطة المحلية والمنظمات بتوفير مبنى مدرسي متكامل والتعاقد مع بعض المعلمين ودفع رواتبهم.

وقال: “نحن لا نحتاج سوى لأربعة فصول دراسية فقط، خاصة أننا نعيش حاليًا في موسم برد شديد قد يؤثر على العملية التعليمية في القرية”.

  • جهود مجتمعية

قال الشيخ صالح حسين العيسائي: “إن جهودًا كبيرة بذلها الأهالي في متابعة فتح هذه الفصول الدراسية في القرية”.

وأشار إلى أن مدير عام المديرية ومدير التربية “ما قصروا مع الأهالي وقاموا بواجبهم، وأعطونا أوامر بفتح فصول دراسية بشرط أن تكون على نفقة الأهالي الذين أبدوا استعدادهم لتحمل تكاليف المعلمين، رغم الظروف الصعبة، لكننا تحملنا من أجل أبنائنا”.

وأوضح الشيخ صالح أن بُعد المدرسة والطريق التي تشكل خطرًا على الأطفال أثناء ذهابهم وعودتهم دفع الأهالي لعمل المستحيل لإنشاء هذه الملحقية رغم الصعوبة.

وأضاف: “هم يدرسون تحت الأشجار وفي منزل أحد الأهالي الذي سمح لنا بشكل مؤقت بتحويل منزله إلى فصل أو فصلين دراسيين”.

ودعا الشيخ صالح الجهات المختصة وفاعلي الخير لمساعدة الأهالي في بناء فصول دراسية لأبناء القرية، مشيرًا إلى استعداد الأهالي لتوفير مساحة أرض لإنشاء هذه المدرسة ومرافقها.

  • مشاكل عديدة
مشكلة المدرسة تُعد جزءًا من مشاكل عديدة تعاني منها قرية حيدلتهوم. فقد شوهد انتشار برك تجمع مياه الأمطار بجانب كل منزل، حيث يستفيد منها الأهالي للشرب وأغراض المنزل. فالقرية لا يوجد بها مشروع مياه، ويعتمد الأهالي على مياه الأمطار.
آبار المياه

آبار المياه

إحدى المؤسسات الخيرية ساهمت بحفر بئر مياه وصلت عمقها إلى 250 مترًا، وساهم الأهالي بـ100 متر إضافي، لكن المشكلة أن المياه، بحسب بعض الدراسات، تقع على عمق أكثر من 700 متر.

يقول خالد العيسائي، المدير التنفيذي لإحدى المؤسسات الخيرية: “إن مناطق الجبل تُعد مناطق وعرة تتكون من قبائل البكري وأجزاء من قبائل الحجيلي والقطيبي، وتعاني تلك المناطق في مركز الجبل من شح المياه. فهي معدومة ويعتمدون على مياه الأمطار والسدود”.
بئر ماء

بئر ماء

وأوضح خالد أن مؤسسة الجبل قامت بحفر بئر في القرية، لكن المشروع فشل لعدم وجود مصادر مياه جوفية على أعماق كبيرة.

قرية حيدلتهوم تحتاج إلى تدخلات في العديد من المجالات، وخاصة في مجالات التعليم والصحة والمياه.