حوطة لحج: حكايات من الماضي وآثار خالدة
حوطة لحج: حكايات من الماضي وآثار خالد
لحج الغد هاني كرد
مدينة الحوطه – حوطه بلجفار بدأ تاريخ مدينة الحوطه كعاصمة منذ تدمير مدينة الرعارع في أواخر عهد الدولة الطاهرية ، وعندما دخل العثمانيون مدينة عدن تحولت العاصمة إلى حوطه بلجفار ، فتدهورت مدينة الرعارع ولم يعد لها ذكر بعد (القرن الحادي عشر الهجري) إلا أن (القمندان) في كتابة (هدية الزمن) يرى أن أول من اتخذ مدينة الحوطه عاصمة للحج هم (عمال الإمام المتوكل والإمام المنصور) ويؤكد على ذلك بأن لهم دارين فيهما هما دار حمادي و دار عبد الله المعروفان بموضعيهما إلى الآن في مدينة الحوطه ، ولما استقر فيها فيما بعد الشيخ فضل بن علي العبدلي عام (1145هـ) أقرها عاصمة للحج وعاصمة لملكة ، وقد نقل عائلته من قرية المجحفة إليها ، وكان فيها أحد عشر مسجدا وثلاثون بئرا للشرب الرحالة الألماني هانز هولفريتز يصف الحوطة
وصف الرحال الألماني هانز
هولفريتز مدينة الحوطة عاصمة السلطنة اللحجية الذي زارها في عهد السلطان العبدلي عبد الكريم بن فضل بن علي الذي اعتلى عرش السلطنة في ديسمبر 1918م ، عندما خلف وراء ظهره مدينة الشيخ عثمان التابعة للسلطات الإنجليزية ، وأخذ يتوغل نحو لحج وتحديدًا مدينة الحوطة والتي أخذت تتراءى له المدينة شيئا فشيئا من وراء الأفق اللامتناهي فيقول : “ وفجأة ارتفع أمامنا في الأفق ، منظر رائع ، وكأن مسة سحرية قد أصابته ، فبعثته إلى الحياة ، إنها قصور ذات أبراج ، تشرق بيضاء لامعة ، كالمرمر ، وقد ارتفعت سقوفها المدورة وشرفاتها الرقيقة . وكان الشيء المدهش ، أنّ جميع هذه المناظر، بدت عائمة في الهواء ، وكأنها مرسومة على نقطة انحدار السماء الزرقاء نحو الأفق ، وقد ضمت أرق الألوان وأكثرها وداعة “ .
ويمضي في حديثه ، فيقول : “ وعندما اقتربنا ، أخذنا نبصر الخطوط العريضة للمدينة ببيوتها السمراء المربعة ، وقد تشابكت مع بعضها ، وثبتت أقدامها في الأرض . وتبينا سبب ما أصابنا من خداع النظر من بعيد ، فالبيوت كلها مؤلفة من أكثر من طبقة واحدة ، وجميع طبقاتها العليا مصبوغة باللون الأبيض ، أما الطبقات السفلية فلونها من لون التراب ، وهذا الذي جعلها تبدو لنا من بعيد وكأنها معلقة في الفضاء “ . *أهم المواقع والمناطق الأثرية* والتاريخية والسياحية في مدنية الحوطه
وهي :- قصر السلطان :
أبرز معالم مدينة الحوطه حاليا قصر (السلطان عبد الكريم بن علي بن عبد الله العبدلي ) قام ببناءه عام (1347هـ) ، يقع إلى اليمين من ساحة السوق ، الذي ينتهي إليه الطريق القادم من مدخل مدينة الحوطه باتجاه عدن ، وهو عبارة عن قصر كبير بني بهيئة (حرف L) وأمامه ساحة كبيرة تتوسطها نافورة ، وقد بني بطراز يشابه مبان الشرق الأقصى ويشابه – أيضا – قصر السلطان عبد الكريم فضل (الذي بناه في كرتير عدن ، كما يشابه قصر القعيطي في مدنية المكلا ، ويتكون هذا القصر من ثلاثة أدوار وهو من أجمل مباني مدينة الحوطه على الإطلاق ، ودوره الثالث كان يشغل حاليا متحف مدينة الحوطه والثاني اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين .
المسجد الجامع
(عمر بن عبدالله المساوى) يعتبر من أهم مساجد مدينة الحوطه ، بناه (السيد عمر بن عبدالله المساوى) في عام(1083هـ) ونقل منبرة من جامع مدينة الرعارع ، ثم جدده ووسعه (السلطان عبدالكريم فضل بن علي محسن العبدلي ) عام (1348هـ) حتى صار من أجمل وأفخم مساجد اليمن ، يحتوي على قبة متميزة بزخارفها الخارجية والداخلية الجميلة يتكون من طابقين – دورين – استغل الدور الأول كمحلات ، يستخدم ريعها كوقف للجامع ، أما الجامع ففي الدور الثاني وقد زخرفت واجهته الخارجية بطراز الفنون الإسلامية التقليدية ، وله مدخلان ، الأول في جداره الجنوبي ، والآخر في جداره الشرقي وقد تم ترميمه أخيرا في عام 1970م ترميما كاملا .
مسجد الدولة
بني مسجد الدولة (السلطان أحمد محسن فضل) وجدده أخوه (محمد بن محسن) عام (1292هـ) ويعتبر من أجمل المساجد في مدينة الحوطه ، والتخطيط الهندسي والمعماري للمسجد متأثر بفنون العمارة الإسلامية في بلدان الشرق الأقصى ، وقد دفن إلى جوار المسجد بانيه السلطان (أحمد محسن فضل) كما دفن الى جواره العديد من أمراء السلطنة ، أشهرهم ،(القمندان أحمد بن فضل العبدلي) ويقع هذا المسجد في قلب مدينة الحوطه وتقع الى جواره المنازل القديمة لعشائر السلاطين التي كانت تحكم السلطنة تلك التي كانت تستخدم غالبا كمسرجه حيث توضع داخلها فتيلة المسرجة لتخرج عبرها الإضاءة بأشكال هندسية رائعة .
مسجد الجفارية
يقع مسجد الجفارية في الجهة الشرقية للمقبرة القديمة لمدينة الحوطة ،وبنى المسجد في عام 1952م بناه العمار حسن إبراهيم من الطين واللبن وكان يتسع لعدد 50 مصلياً فقط ، وتم توسيع المسجد من بناء البردين والأحجار ويتسع حاليا لأكثر من 500 مصلي تم بناءه على نفقة فاعل خير. مسجد بلغيث يقع مسجد بلغيث في حارة بلغيث بجانب حارة اليهود سابقاً وبنى المسجد في 1100 هـ وينسب مسجد “بلغيث” لعبد الرحمن بن إبراهيم والذي يعتبر شيخاً وعلامة وكان عالماً ذا علم ومعرفة حيث كان المسجد في السابق يتكون من غرفة واحدة وضاحية وبركتي ماء كانت بجانب المقبرة، ثم قام بترميم المسجد السيد احمد بن بلغيث ثم ابنه محمد بن احمد بلغيث ثم شيد من قبل فاعل خير عام 1994م.
مسجد الخير
قبل دخول العثمانيين إلى مدينة الحوطة بعشر سنوات بقيادة القائد العثماني على سعيد باشا وتحديدًا في عهد حكم السلطان أحمد بن فضل محسن العبدلي المتوفى سنة ( 1914م ) قام التاجر صالح فضل العاص في سنة ( 1323هـ / 1905م ) ببناء مسجد سماه الخير ـــ وهو أحد التجار الأثرياء المشهورين في تجارة العطارة ـــ وقيل كان يقام في هذا المسجد دروس في علوم الشريعة من فقه وتفسير للقران والحديث ، و النحو ، والأدب . ومن المحتمل أنّ المسجد في بداية عهده كان يضم في جنباته الكثير من العلماء الكبار ولذلك كانت تدرس فيه تلك العلوم الشرعية وفروعها المتنوعة كما أشرنا قبل قليل .
ويسترعي انتباهنا أن المسجد يقبع بين منازل متواضعة عتيقة ، قد بنيت من الطين ، وأنّ تجاعيد الزمن حفرت أخاديد واسعة على جدرانها..