مقالات

استراتيجية الجنوب من الشرعية إلى العالمية

 

كتب / محمد علي رشيد النعماني

 

في الآونة الأخيرة برزت جهود المجلس الإنتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي كحراك دبلوماسي إستثنائي يهدف إلى تعزيز مكانة الجنوب على المستويين الإقليمي والدولي جاءت هذه التحركات في ظل واقع سياسي معقد يتطلب رؤية إستراتيجية واضحة تستند إلى مصالح الجنوب وحقوق أبنائه فمن خلال سلسلة لقاءات دبلوماسية مكثفة مع سفراء دوليين وعرب يسعى الإنتقالي إلى ترسيخ مكانة الجنوب كشريك مسؤول وقادر على المساهمة في تحقيق الاستقرار في المنطقة .

أظهر المجلس الإنتقالي وعياً عميقاً بأهمية بناء علاقات مباشرة مع القوى المؤثرة عالمياً وإقليمياً خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الجنوب سواء فيما يتعلق بالتصعيد الحوثي أو تداعيات الأوضاع الإقتصادية والأمنية لقاءات الزبيدي مع سفراء دول مثل السعودية، الصين، روسيا، وفرنسا تعكس نهجاً متوازناً يسعى إلى الإنفتاح على كافة الأطراف دون الإنحياز إلى محور معين ما يعزز صورة الجنوب كطرف يسعى لتحقيق السلام والإستقرار بدلاً من التورط في صراعات جانبية وما يميز هذه التحركات هو تركيزها على قضايا جوهرية تمس الأمن الإقليمي والدولي مثل حماية الملاحة البحرية وضمان إستقرار البحر الأحمر وباب المندب حيث أظهر الإنتقالي قدرته على لعب دور فاعل في هذا السياق من خلال قواته الأمنية التي أثبتت جدارتها في تأمين السواحل الجنوبية ومكافحة التهديدات المتزايدة هذه الجهود لا تخدم الجنوب فقط بل تصب في مصلحة التجارة العالمية وأمن المنطقة ما يجعل المجلس شريكاً جديراً بالثقة في عين المجتمع الدولي كما أن دعوة الزبيدي إلى تبني إستراتيجية شاملة لمواجهة الحوثيين تجمع بين الردع والإحتواء تعكس فهماً واقعياً لطبيعة الأزمة اليمنية وتحدياتها .

الزبيدي لا يتحدث فقط عن مواجهة عسكرية بل عن ضرورة التعاون مع المجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا لمواجهة التدخلات الإيرانية ومخاطرها على الأمن الإقليمي هذا النهج يعزز دور الجنوب كجزء من الحلول الدولية وليس مجرد طرف في النزاع وما يجعل هذه التحركات أكثر أهمية هو توقيتها حيث تتزامن مع تحولات إقليمية ودولية تمنح الجنوب فرصة لإعادة صياغة دوره

كذلك التحركات البريطانية والأمريكية المحتملة ضد الحوثيين والتقارب السعودي الإيراني تفتح المجال أمام الإنتقالي لتقديم الجنوب كشريك فعال وقادر على المساهمة في بناء نظام إقليمي جديد يقوم على التعاون والاستقرار وبهذا النهج يثبت المجلس الانتقالي أنه ليس فقط مدافعاً عن حقوق الجنوب بل أيضاً طرفاً بناءً يسعى لتحقيق مصلحة مشتركة مع المجتمع الدولي