صفحات من تاريخ لحج

تراثنا نعتز فيه:قصيدة قال أبو زيد: الشاعر صالح فقية

 

لحج الغد /د/ عارف محمد عباد السقاف

تراثنا نعتز فيه:قصيدة قال أبو زيد: الشاعر صالح فقية

 

**قال بو زيد جاني علم ما هو سوى**

**نكّد علي هيج اشجاني وعطّل مزاجي**

 

**يوم قال عجمتوا ما تردوا الجواب**

**ما هكذا كان ظني وارجال المحاجي**

 

**قرح الطبل فكر شرح با يشترح**

**قلنا على ايش هذا قال حفلة زواجي**

 

**شل بنك ودور ناس من غيرنا**

**إن كان شي باتحصل في الأوادم مواجي**

 

**وين ذي ما يهموا اللوم وقت الحساب**

**عن بيعة الرخص لا تمت بسوق الحراجي**

 

**كيف نسمح لمن جانا بحيلة جديد**

**يريد يعلق سراجه لاجل يطفي سراجي**

 

**وقت ما الناس تتحرر يبونا عبيد**

**نسلم الأمر نصبح بين خاضع ولاجي**

 

**يصبحوا تحت أمر الديك يلعب بهم**

**وان حد تعرّض بكلمه قال ذولا دجاجي**

 

**بالعبادل ويافع وأهل فضل الرجال**

**والعولقي والكثيري عادني اليوم راجي**

 

**ذي لكم غارات جملة منعكم كلكم**

**لا ترهبوا الموت ما واحد من الموت ناجي**

 

## **شرح ابيات القصيدة:**

 

1. **قال بو زيد جاني علم ما هو سوى**

**نكّد علي هيج اشجاني وعطّل مزاجي**

في هذا البيت، يتحدث الشاعر عن خبر سيء وصادم تلقاه، مما أدى إلى تعكر مزاجه وإثارة أشجانه (أحزانه العميقة). الخبر أثر على حالته النفسية وجعل يومه مليئا بالكآبة والقلق.

 

2. **يوم قال عجمتوا ما تردوا الجواب**

**ما هكذا كان ظني وارجال المحاجي**

الشاعر يعبر عن خيبة أمله من الناس الذين توقع منهم الرد على موقف أو مسألة معينة، لكنهم خيبوا أمله بعدم تجاوبهم. كان يتوقع من رجال المواقف “رجال المحاجي” أن يكونوا على قدر المسؤولية، لكنهم لم يفعلوا ذلك.

 

3. **قرح الطبل فكر شرح با يشترح**

**قلنا على ايش هذا قال حفلة زواجي**

هنا يستخدم الشاعر السخرية للإشارة إلى أن الأحداث الكبيرة مثل “قرع الطبول” قد تكون بلا معنى. فعندما تساءل عن سبب هذا الضجيج، قيل له إن الأمر يتعلق بزواج، وكأن الشاعر يشير إلى أن الأمور المصيرية أصبحت غير مهمه في نظر الناس وأنها تفرغ من معانيها الحقيقية.

 

4. **شل بنك ودور ناس من غيرنا**

**إن كان شي باتحصل في الأوادم مواجي**

الشاعر يشير إلى أنه لم يعد مهتما، ويطلب من الآخرين البحث عن أشخاص آخرين غيره للقيام بالأعمال أو المواقف المطلوبة. يشعر بأن الأمور قد أصبحت بلا قيمة ولا تستحق الجهد الذي يبذله.

 

5. **وين ذي ما يهموا اللوم وقت الحساب**

**عن بيعة الرخص لا تمت بسوق الحراجي**

في هذا البيت، ينتقد الشاعر من لا يهتم باللوم ولا يتحمل المسؤولية عندما يأتي وقت الحساب، بل يبيع نفسه أو قيمه بثمن بخس في “سوق الحراجي” (السوق الرخيص). يشير إلى أن هناك أشخاصا يتخلون عن مبادئهم ويبيعون أنفسهم مقابل مكاسب قليلة.

 

6. **كيف نسمح لمن جانا بحيلة جديد**

**يريد يعلق سراجه لاجل يطفي سراجي**

الشاعر يعبر عن رفضه التام لمحاولات الآخرين التحايل عليه أو خداعه بهدف السيطرة عليه وإطفاء نوره أو نجاحه. يشير إلى وجود مؤامرات وحيل جديدة تستخدم للسيطرة على الآخرين.

 

7. **وقت ما الناس تتحرر يبونا عبيد**

**نسلم الأمر نصبح بين خاضع ولاجي**

هنا يشير الشاعر إلى أن هناك قوى (الاحتلال البريطاني)تحاول إبقاء الناس في حالة من العبودية والتبعية، حتى في الوقت الذي يسعى فيه الناس للتحرر. ينتقد الشاعر هذه المحاولات التي تجعل الناس خاضعين أو هاربين من مواجهة الواقع.

 

8. **يصبحوا تحت أمر الديك يلعب بهم**

**وان حد تعرّض بكلمه قال ذولا دجاجي**

الشاعر يشبه الناس بالدجاج تحت سيطرة “الديك” (الاحتلال البريطاني). يصف حالة التحكم الكامل التي يُمارسها الاحتلال على الناس، بحيث يصبحون مجرد أدوات يلعب بها. وإذا حاول أحد الاعتراض أو قول شيء، يتم التهكم عليه ووصفه بأنه “دجاجي”، أي بلا قيمة.

 

9. **بالعبادل ويافع وأهل فضل الرجال**

**والعولقي والكثيري عادني اليوم راجي**

الشاعر هنا يخاطب القبائل والرجال الشجعان في العبادل ويافع والعوالق والكثيري، ويقول إنه لا يزال يأمل فيهم ويعتمد عليهم. يظهر هذا البيت تمسك الشاعر بالأمل في وجود الرجال الشجعان الذين يستطيعون تغيير الأوضاع وطرد الاحتلال.

 

10. **ذي لكم غارات جملة منعكم كلكم**

**لا ترهبوا الموت ما واحد من الموت ناجي**

الشاعر يختم بالدعوة إلى الشجاعة والتحدي، مشيرا إلى أن الموت محتوم ولا يمكن لأحد أن يهرب منه. يدعو الشاعر القبائل والناس الشجعان إلى عدم الخوف من الموت، لأن الجميع سيلقاه في النهاية.

 

# **مضمون القصيدة ومشاعر الشاعر:**

 

القصيدة تعكس حالة من الاستياء والرفض للظلم والاستبداد، حيث يعبر الشاعر عن شعور بالظلم والإحباط من الأوضاع الاجتماعية والسياسية التي تسود في مجتمعه. يشعر الشاعر أن الأمور أصبحت بلا معنى وأن الناس فقدوا قيمتهم وكرامتهم بسبب الرضوخ لقوى الاحتلال التي تحاول السيطرة عليهم.

الشاعر ينتقد بشكل مباشر الأشخاص الذين يبيعون أنفسهم بثمن بخس ويتخلون عن مبادئهم، ويعبر عن رفضه لمحاولات السيطرة والاحتكار التي يمارسها الآخرون. كما يظهر في القصيدة نبرة من السخرية، حيث يسخر الشاعر من المظاهر الفارغة والمواقف التي لا تحمل قيمة حقيقية.

 

واخيرا، يعود الشاعر إلى الأمل، حيث يخاطب القبائل والرجال الشجعان ويحثهم على عدم الخوف من الموت، معتبرا أن الجميع سيلقى نفس المصير في النهاية.

مشاعر الشاعر تتراوح بين الغضب، الحزن، الاستياء، والأمل، ويظهر ذلك بوضوح في أسلوبه المباشر والصريح من خلال كلمات القصيدة.

 

القصيدة تتحدث عن الرفض الصريح للهيمنة والاحتلال، وتنتقد الأشخاص المتعاونين مع المحتلين. الشاعر يعبر عن خيبة أمله في بعض الرجال الذين لم يقفوا موقفا قويا ضد المحتلين، ويستحث قبائل الجنوب للوقوف معا ضد المحتلين وأصحاب المصالح الضيقة. كما يشير إلى الفخر والشجاعة في مواجهة الموت وعدم الخضوع أو الاستسلام، مؤكدا على ضرورة الوحدة والتضحية لتحقيق الحرية.القصيدة قيلت في فترة الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن، حيث كان الشعراء يعبرون عن الرفض التام للتبعية والاحتلال ويدعون إلى الوحدة والتحرر.

 

الفنان المرحوم **فيصل علوي** أبدع في أدائه وغنائه للقصيدة بطريقة رائعة، حيث أضفى بصوته المميز وإحساسه العالي لمسة فنية جعلت القصيدة تتردد في أذهان الكثيرين. أسلوبه في الغناء ساعد في إيصال معاني القصيدة العميقة ومشاعر الرفض للظلم والاحتلال إلى المستمعين.

رحم الله الشاعر **صالح فقيه**، الذي عبر عن قضايا وطنية للتحرر من الاحتلال، و رحم الله الفنان **فيصل علوي**، الذي أوصل تلك المعاني باللحن والصوت الرائع إلى قلوب الناس. رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته.