معركة القوقر: ملحمة صمود أهالي تهامة في وجه قمع الإمامة الكهنوتية
لحج الغد/كتبه عبدالجبار سلمان
تعد معركة القوقر واحدة من أهم المعارك التي خاضها سكان منطقة تهامة في اليمن ضد جنود الإمامة الكهنوتية. شكلت هذه المعركة محطة بارزة في تاريخ المقاومة الشعبية اليمنية، حيث سطر أهل تهامة أروع البطولات في التصدي للقوات الإمامية التي كانت تسعى للسيطرة على مناطقهم وإخضاعها لحكمها القمعي.
منذ القرن الثامن عشر، كانت اليمن تعيش تحت حكم الإمامة الزيدية التي فرضت سيطرتها على أجزاء واسعة من البلاد. ومع مرور الزمن، تزايدت مظاهر القمع والاستبداد التي مارستها الإمامة، مما أثار غضب السكان المحليين في مختلف المناطق، بما في ذلك تهامة. وكان لأهالي تهامة، بفضل موقعهم الجغرافي على ساحل البحر الأحمر، تقاليدهم الخاصة وثقافتهم المميزة، مما جعلهم أكثر تمسكًا بحريتهم ورفضهم للهيمنة الإمامية. اندلعت معركة القوقر كنتيجة مباشرة لمحاولات الإمامة بسط نفوذها على تهامة بالقوة العسكرية. لم يكن سكان المنطقة على استعداد للقبول بالحكم الإمامي، وبدأت بوادر المقاومة تتشكل من خلال مواجهات صغيرة مع القوات الإمامية. وازداد التوتر عندما حاولت الإمامة إرسال تعزيزات عسكرية للسيطرة على المنطقة، مما دفع أهالي تهامة للانتفاض والدفاع عن أراضيهم. تعتبر القوقر من القرى الصغيرة في تهامة، لكنها أصبحت رمزًا للمقاومة بعد أن شهدت واحدة من أعنف المعارك بين أهالي المنطقة والقوات الإمامية. تجمعت القوات الإمامية بقوة كبيرة متجهة نحو القوقر، لكنها فوجئت باستعداد سكان القرية والمناطق المجاورة لها. كان القتال شرسًا، حيث استخدم الأهالي أساليب متنوعة في الحرب، واستفادوا من معرفتهم الجيدة بالتضاريس المحلية لشن هجمات مباغتة ضد القوات الإمامية. استمرت المعركة لعدة أيام، تكبد خلالها جنود الإمامة خسائر فادحة، مما أجبرهم في النهاية على التراجع. ورغم تفوق القوات الإمامية في العدد والعدة، إلا أن بسالة وشجاعة أهل تهامة كانت الحاسمة في تحقيق النصر. أدى انتصار أهل تهامة في معركة القوقر إلى رفع معنويات السكان في مختلف أنحاء اليمن، وشجع المزيد من القبائل والمناطق على الانتفاض ضد الحكم الإمامي. كما أظهرت هذه المعركة ضعف القوات الإمامية في مواجهة المقاومة الشعبية، وساهمت في تأخير سيطرتهم على تهامة لفترة من الزمن. بالإضافة إلى ذلك، أكدت معركة القوقر على أهمية الوحدة والتعاون بين سكان تهامة في مواجهة التحديات الخارجية، وبرزت شخصيات محلية كقادة شعبيين قادرين على تنظيم وتوجيه المقاومة. تبقى معركة القوقر رمزًا للصمود والإرادة في تاريخ اليمن. أظهر أهل تهامة من خلالها قدرتهم على الدفاع عن حريتهم وكرامتهم ضد أي قوة تسعى لإخضاعهم. وتظل هذه المعركة مثالًا على أن الإرادة الشعبية، مهما كانت الظروف، قادرة على التصدي لأقوى الجيوش وإفشال مخططاتها.