الإرهاب: جريمة العصر في عباءة الدين”
لحج الغد / بقلم / محمد علي رشيد النعماني ..
تتردد على مسامعنا بين الفينة والأخرى أخبار المآسي التي يخلفها الإرهاب في مناطق مختلفة من العالم ولا تكاد تمر فترة زمنية قصيرة إلا ونسمع عن عملية إرهابية جديدة تستهدف الأبرياء وفي الجنوب العربي تظل هذه الظاهرة المقيتة تطل برأسها القبيح معيدة تذكيرنا بخطورة هذا التهديد الذي يطال الاستقرار والسلام في المنطقة .
حدث إرهابي جديد في أبين
شهدت محافظة أبين حادثاً مأساوياً يوم الجمعة عندما قام عنصر إرهابي من تنظيم القاعدة بتنفيذ عملية انتحارية أدت إلى استشهاد 16 جندياً وجرح 18 آخرين من القوات الجنوبية وقع الهجوم على ثكنة للواء الثالث دعم وإسناد في مديرية مودية وقد نشر النشطاء صورة المنفذ على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تم تحديد هوية المهاجم باسم “غانم الأبي”.
لا يمكن توصيف العمليات الإرهابية إلا بأنها أفعال جبانة تنم عن رغبة مريضة في بث الرعب والفوضى بين الناس . فالانتحاري الذي نفذ الهجوم في أبين استهدف الجنود أثناء مشاركتهم في عملية “سهام الشرق” ضد تنظيم القاعدة وهو دليل واضح على أن الإرهاب لا يستهدف سوى زعزعة الأمن والاستقرار .
إن استهداف العناصر الأمنية والعسكرية من قبل الإرهابيين يُعد دليلاً على ضعف هذه الجماعات وعدم قدرتها على المواجهة المباشرة فهم يختارون الهجمات الغادرة حيث لا مجال للمواجهة ولا فرصة للدفاع .
الإرهاب بين الدين والسياسة
من الجدير بالذكر أن هذه الجماعات الإرهابية تستخدم الدين كغطاء لأعمالها محرفة النصوص ومزيفة الحقائق لخلق مبررات زائفة لجرائمها .
إن “غانم الأبي” وأمثاله من عناصر تنظيم القاعدة يروجون لأفكارهم المتطرفة مستغلين الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية في بعض المناطق لنشر سمومهم بين الشباب .
لكن الحقيقة التي يجب أن لا تغيب عن الأذهان هي أن الإسلام يرفض العنف ويشدد على حرمة النفس البشرية إن استخدام هؤلاء للإسلام هو استغلال سياسي لدفع أجندات معينة تهدف إلى تحقيق مصالح شخصية أو جماعية ضيقة .
المسؤولية الجماعية في مواجهة الإرهاب
لا يخفى على أحد أن مواجهة الإرهاب تتطلب تضافر الجهود على كافة المستويات فالحكومات والمنظمات الدولية مطالبة بتكثيف جهودها للقضاء على هذه الآفة من جذورها لكن الأمر لا يقتصر على العمل العسكري فقط بل يتطلب أيضاً معالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع بعض الأفراد للانضمام إلى هذه الجماعات .
كما أن للمجتمع دوراً كبيراً في التصدي للإرهاب من خلال نشر الوعي وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين وكذلك من خلال تفكيك الخطاب المتطرف الذي يروج له الإرهابيون .
إن ما حدث في أبين هو تذكير مأساوي بمدى وحشية الإرهاب وأثره المدمر على المجتمعات ومع ذلك يبقى الأمل في أن يقف العالم متضامناً ضد هذه الظاهرة مسخرين كافة الإمكانات للوقوف في وجهها والتغلب عليها لأن الإرهاب في نهاية المطاف لا دين له ولا مبرر ولا يمكن تبرير أفعاله تحت أي ظرف كان ..