أخبار الجنوبتقارير وتحقيقاتمقالات

مهرجان يافع السنوي “إختبار حالة الإتحاد”

لحج الغد _ يافع

يتفرد الطابع القبلي في يافع عن غيرها من القبائل العربية بعدد من الخصائص..
النظم القبلية في معظم الدول العربية لا تزال بشكلها التقليدي.. الذي يكون النسب والعرق هو الرابط الأهم وشيخ القبيلة هو الآمر الناهي في معظم شؤون القبيلة..
لكن القبيلة في يافع تمثل حالة متقدمة من العلاقات الاجتماعية فهي عبارة عن إتحاد فيدرالي اجتماعي يعتمد الشورى مبدأ أساسي في إدارة شؤون القبيلة..
فالسلطان على سبيل المثال لم يكن يقطع بشيء دون الرجوع لشيوخ المكاتب وشيوخ المكاتب بدورهم ينقلون الأمر لعقال المكاتب ويختلف عددهم من مكتب الى اخر..
وعقال المكاتب يقوموا بالتشاور مع ابناء القبيلة وبالاخص العُرّاف وأصحاب الرأي السديد..
ومن هنا يتبلور رأي أو فكرة ترفع للشيوخ ثم للسلطان وهذه أرقى اشكال الديمقراطية
التي تخرج برأي يجمع عليه الاغلبية ويترجم الى قرار ناجح بدعم الجميع..
أيضا تم تطوير التقسيم الإداري في قبيلة يافع بشكل سبق زمنه بمئات السنين.. لا توجد بقبيلة يافع مسمى فخذ او عشيرة.. فقد تم تجاوز روابط النسب والدم الى روابط من القيم المشتركة فهناك قبائل وعائلات قدمت الى يافع قبل مئات السنين من حضرموت او محافظات الشمال وأصبحت جزءا أصيلا من يافع تحمل نفس الولاء وتتخلق بنفس القيم اليافعية المستمدة من تعاليم الدين الحنيف ومن العادات العربية الأصيلة..
حيث تم تقسيم يافع الى 10 مكاتب على رأس كل مكتب شيخ وكل 5 مكاتب يمثلها سلطان..
وهو تقسيم إداري أقرب الى الهيكل الاداري العسكري.. لأن الدفاع عن حدود القبيلة ومعتقدها ومصالحها كان الهاجس الأبرز.. من خلال هذا الهيكل يتم حشد المقاتلين والمجهود الحربي في زمن قياسي.. وبشكل منصف للجميع.. حتى أن مناطق التماس مع الأعداء قسمت بطريقة عبقرية تعجز عنها اتفاقيات الدفاع المشترك.. مثلا منطقة الحد قسمت جغرافيتها على مكاتب يافع بني مالك الخمسة ليتحمل كل مكتب مسؤوليته في الدفاع عنها من الهجمات الدولة الزيدية..
وحروب يافع كلها كانت للدفاع عن النفس او لغوث المظلوم ولم تكن في يوم من الأيام معتدية او باغية..
فكل ما تعرضت يافع لأي خطى تستنفر كل مكاتبها.. اما في حالة السلم فينصرف الجميع الى اعمالهم في الزراعة..
ولأن يافع منطقة جبلية مترامية الاطراف وأبناء القبيلة منشغلين طيلة شهور العام في الزراعة وحراثة الارض والحصاد فقد خصصوا مناسبات للاجتماع والتعارف والتشاور.. تمثلت في الزيارات (مهرجان التراث) بعد عيد الأضحى لاماكن محددة في عواصم بعض المكاتب..
ويأتي الناس اليها وهم بكامل زينتهم وعتادهم الحربي وكأنما هو استعراض للجاهزية القتالية واختبار لحالة الاتحاد الذي يجمع كل هذه المكاتب وتوثيق العقد الاجتماعي الذي يربطها..
تتخلل هذا المهرجان بعض الانشطة الاقتصادية عرض المنتجات المحتلفة واحياء بعض الرقصات الشعبية
مع قيام دولة الجنوب واختفاء نظام السلطنة بيافع استمر الناس في احياء هذه المناسبات الى يومنا هذا..
وهي مناسبة جميلة لاحياء الموروث اليافعي الجميل والتأكيد على وحدة الصف والكلمة تجاه الاهداف الكبيرة..
ولا شك ان لهذه الفعاليات عظيم الأثر في توثيق الروابط بين ابناء يافع وتوحيد مواقفهم في معظم القضايا الوطنية.. وزاد عليه بالفترة الاخير حشد الجهود والامكانيات لبناء مشاريع تنموية وخدمية
وبما ان الشكر والتقدير واجب للرجال المخلصين في الميدان الذين كانوا وراء نجاح تلك الفعاليات ..
فإن هناك سؤال مهم جدا هو ..
إن كان الاجداد قد سبقوا زمنهم في تنظيم شؤون هذا الكيان الكبير لمئات السنين رغم شحة الامكانات ، فهل سيستطيع الاحفاد تحديث هذه الآلية لمواكبة التطورات.. بما يضمن إدارة هذا الكيان وما يملك من طاقات وامكانات بشكل أفضل ليضعه في المكانة اللائقة على خارطة الوطن السياسية والاقتصادية.؟؟

قاسم بن قاسم الذيباني