أخبار الجنوبتقارير وتحقيقات

( ناقوس الخطر ) يُدَق .. هل اقتربت ساعة اختفاء ( المعلمين )

لحج الغد _ ( ناقوس الخطر ) يُدَق .. هل اقتربت ساعة اختفاء ( المعلمين  ..؟!!

صة واقعية حدثت لي قبل اشهر طالما اعتزمتُ الكتابة عنها لكن مشاغل الحياة وقتئذٍ منعتني عن الخوض فيها .. لكنني ارتايت الآن وبعد هذه الأحداث الدراماتيكية الحاصلة في بنية السلك التربوي والتعليمي أن أكتب عنها محذراً بل منذراً ..!!

*كنت منهمكاً في عملي في سكرتارية المجمع الذي أعمل به وإذا بي أتفاجأ بأحد المعلمين المتعاقدين ( الشباب ) وله في التعاقد سنوات ليست بالقليلة .. بل حسبما أعتقد كان من الدفع الأولى التي جرى التعاقد معها في ذلك الحين .. صارحني ذلك المعلم بأنه يعتزم الاستقالة من ( تعاقد ) التربية والذهاب إلى عمل آخر ..!!*

*كانت المفاجأة صادمة لي خاصة وأن الشاب يدرّس مادّة محورية من المواد الدراسية وهي مادة ( الرياضيات ) .. وأن النقص بل الشح الحاصل فيها معلوم للجميع إلى جانب العلوم واللغة الإنجليزية وتخصصات أخرى هامة ..!!*

*وبحكم العلاقة التي توطدت بيننا من خلال زمالة العمل حاولت جاهداً أن أثنيَ صديقي ( المتعاقد ) أن يعدِل عن قراره موصياً إياه أن يتحلى بمزيد من الصبر ومرغّباً له بأنه يمكن أن يأتي الوقت الذي يثبتونهم فيه ويحصلون على حقوق وراتب أفضل مما يحصلون عليه حالياً .. إلا أن جهودي باءت جميعها بالفشل ..!!*

*اليوم صديقي يعمل في إحدى شركات الصرافة المشهورة براتب مجزٍ أفضل مما كان يتقاضاه في التعاقد .. وربما رأى يومياً من ( شبّاك ) عمله وتعامله مع مئات القصص والأحداث لمعلمين ومعلمات من أمثاله وهم يعانون أشدّ مما عانى خاصة في رمضان الذي جرى فيه اضطهادهم بتوقيف رواتبهم .. إلا أنه ( نجا ) بينما بقوا هم في نفس المعمعة إلا أن يشاء الله ..!!*

*ما إن تدهورت الأوضاع المعيشية وتهاوت العملة الوطنية في الحضيض إلا وتواردت الحقائق والتقارير عن انسحابات كثيرة خاصة من فئة المعلمين المتعاقدين ورغبتهم عن التدريس ومفارقة مجال التربية والتعليم .. وبالفعل ( بطّل ) الكثير منهم .. ولا زالت هذه الظاهرة مستمرّة إلى اليوم للأسف الشديد ..!!*

*ومما يُستغرب له أن تأتي الأحداث حاكية عن مئات المعلمين الذين أرادوا الالتحاق بالسلك العسكري فقُيل منهم من قُبل وأُرجع العشرات لعدم مناسبة سنهم مع المعايير المطروحة وهي ألا يتعدى سن أحدهم الأربعين عاماً ..!!*

*لم تفتصر أبعاد هذه المعضلة على المعلمين فحسب بل امتدّت موجة الانسحابات والتسرّبات إلى الطلاب المتعلمين .. فمجريات الواقع وأحداثه تسفر يومياً عن صدق ما نقول ..*

*منها معلومات مؤكدة تفيد بوشوك توقف تخصصات بعينها في كلية التربية وكليات أخرى .. فتخصص الفيزياء على سبيل المثال عدد الطلاب الدارسين به لا يتعدون ( 6 ) طلاب منهم ( 4 ) طالبات وطالبان فقط (!! ) والعبرة باستمرارهم إن استمروا ..!!*

*بل إنني أعرف العشرات من الطلاب ممن أوقف قيده في الجامعة وذهب ليعمل في أعمال أخرى بما فيها الأعمال العضلية الشاقة كي يساعد أسرته ..*

*قال لي أحدهم ذات يوم : ( كيف لي أن أوفّر ( 45 ) ألف ريال هي كلفة مواصلاتي الشهرية ذهاباً وإياباً وأسرتي في أمس الحاجة إليها ؟!! ).*

*أصبحت كلية التربية وتخصصات أخرى خاوية على عروشها في حين بدأت ـ كذلك ـ أعداد المعلمين في المدارس تقل .. ونظراً لما يعانيه المعلمون من ذلّ وإهانة جعل المعلم أدنى شرائح المجتمع في مستوى المعيشة .. فليس من المستغرب أن يقول الطالب ” هل أنا مجنون لأدرُس وأخسر لأصير في نهاية المطاف كهؤلاء المعلمين التعساء ..؟!! ).*

*كثير من المعلمين ممن كان يحبّ بل ويعشق مهنة التدريس كره مهنته وقلاها .. إلى الحد الذي جعل الكثيرين منهم يصرحون بهذه الحقيقة المرّة في تدويناتهم ومنشوراتهم على منصات ووسائل التواصل الاجتماعي ..!!*

*حالة الصراع المحموم والحرب المستعرة التي تشنها السلطة المحلية ومكتب التربية دون هوادة على المعلمين في حضرموت سيكون لها عواقب وخيمة .. ولن نكون مخطئين إن أقررنا بالحقيقة الآتية : لن يُستبعد اليوم الذي ستبحث فيه التربية عن معلمين لشدة النقص الذي سيطرأ .. بالأخص مع وصول المئات سنوياً إلى مرافئ التقاعد وإحالتهم إلى المعاش..*

*في ذلك الحين لن تجد الوزارة حتى من تستقدمهم من خارج البلاد .. لأن معلمي الخارج ليسوا معتوهين ولا مخبولين ليأتوا للتدريس في بلد مأزوم مليء بالمشاكل والمآسي .. وغير مستقر لا اقتصادياً ولا سياسياً ولا أمنياً ..!!*

*دققنا ناقوس الخطر وسنظل ندقّ وندقّ حتى ينكسر الناقوس .. لأن وضع مستقبل التعليم ووضع أبنائنا ومستقبلهم التعليمي خطير للغاية ولا يمكن السكوت عنه .. رسالتنا إلى المجتمع أن يتضامن مع معلمي أبنائهم ومشعلي جذوة النهوض ..*

*ورسالتنا إلى السلطة المحلية بالمحافظة ومكتب وزارة التربية والتعليم أن يحافظوا على من تبقى بين أيديهم من المعلمين ..*

*وأن يسارعوا على وجه العجلة إلى حلحلة قضاياهم وإرجاع حقوقهم وتلبية مطالبهم .. قبل أن يأتي وقت ويعضوا أصابع الندم ..فمن يترك مقاعد التدريس من الصعب أن يعود إليها .. ومن السهل ـ في المقابل ـ أن يلحق به الآخرون .. لو كنتم تعقلون!!*

*✍🏻أحمد باحمادي..*
*18 إبريل 2024م*

•••