أخبار الجنوب

بقايا حنين

لحج الغد – – احمد زين باحميد .. أكاديمي وإعلامي

عندما عاد ابني من المكلا في زيارة قصيرة مع اسرته كانت لحظة سعادة ..تغيرت رتابة البيت ..وقطع الهدوء والسكينة ..علت الاصوات وجاء في بعض الاحيان الشجار المحبب بين الاطفال  ..والتشاكي والحركات المضحكة لاطفال صغار عمروا البيت وغمروه بنوع من الفوضى البريئة والمحببة تركوا العابهم تشاجروا فيما بينهم وهكذا هو ديدن الاطفال ريحانة البيوت وعطرها الاخاذ .كيف لا وهم اكبادنا تمشي على الارض.

وعندما ازف الرحيل وغادر  (سالم .. سلومي )واهله وتركونا عاد السكون ولم يعد (لمحمد .. حمودي ) من ونيس يلعب معه لكنه انكب لوحده في براءة طفل مازال يتلعثم في الكلام لكنه يملاء البيت مرحا وسرورا .ورايتني اتمتم برائعة الشاعر الكبير الاستاذ عمر بهاء الدين الاميري في قصيدة (شوق اب لابنائه) وقد غادروا الى حلب الشهباء ذات يوم وتركوه وحيدا .. ليرسم لوحة صادقة المشاعر وارفة الظلال  .

وهي قصيدة رائعة عن الأب وأطفاله، مع صور رائعة وجميلة وطريفة معبرة عن حياة الأب وسط أبنائه، يقول الشاعر عمر بهاء الدين الأميري:

“كنت مع أولادي الثمانية وأسرتي في مصيف قرنايل، ثم سافروا جميعا إلى حلب، وتلبثت وحدي في خلوة شعرية، فقلت (هذه الأبيات)

أين الضجيجُ العذبُ والشَّغَبُ؟

أين التَّدارسُ شابَهُ اللعبُ؟

أين الطفولة في توقُّدها؟

أين الدُّمى، في الأرض، والكتب؟

أين التَّشَاكسُ دونما غَرَضٍ؟

أين التشاكي ما له سبب؟

أين التَّباكي والتَّضاحُكُ، في

وقتٍ معًا، والحُزْنُ والطَّربُ؟

أين التسابق في مجاورتي

شغفًا، إذا أكلوا وإن شربوا؟

يتزاحمون على مُجالَستي

والقرب منِّي حيثما انقلبوا

فنشيدهم “بابا” إذا فرحوا

ووعيدهم “بابا” إذا غضبوا

وهتافهمْ “بابا” إذا ابتعدوا

ونجيُّهمْ “بابا” إذا اقتربوا

بالأمس كانوا ملءَ منزلنا

واليومَ -ويح اليومِ- قد ذهبوا

ذهبوا، أجل ذهبوا، ومسكنهمْ

في القلب، ما شطّوا وما قَرُبوا

إني أراهم أينما التفتت

نفسي، وقد سكنوا، وقد وثبوا

وأُحِسُّ في خَلَدي تلاعُبَهُمْ

في الدار، ليس ينالهم نصب

وبريق أعينهمْ إذا ظفروا

ودموع حرقتهمْ إذا غُلبوا

في كلِّ ركنٍ منهمُ أثرٌ

وبكل زاويةٍ لهم صَخَبُ

في النَّافذاتِ، زُجاجها حَطَموا

في الحائطِ المدهونِ، قد ثقبوا

في الباب، قد كسروا مزالجه

وعليه قد رسموا وقد كتبوا

في الصَّحن، فيه بعض ما أكلوا

في علبة الحلوى التي نهبوا

في الشَّطر من تفّاحةٍ قضموا

في فضلة الماء التي سكبوا

إنِّي أراهم حيثما اتَّجهتْ

عيني، كأسرابِ القَطا، سربوا

بالأمس في “قرنابلٍ” نزلوا

واليومَ قدْ ضمتهمُ “حلبُ”

دمعي الذي كتَّمتُهُ جَلَدًا

لمَّا تباكَوْا عندما ركبوا

حتى إذا ساروا وقد نزعوا

منْ أضلعي قلبًا بهمْ يَجِبُ

ألفيتُني كالطفل عاطفةً

فإذا به كالغيث ينسكبُ

قد يَعجبُ العُذَّال من رَجُلٍ

يبكي، ولو لم أبكِ فالعَجَبُ

هيهات ما كلُّ البُكا خَوَرٌ

إنّي -وبي عزم الرِّجال- أبُ